معاذ ومعاوية بن أبي سفيان، وما جمعهما الإسلام، أسلم معاوية عام الفتح ومات سعد أيام غزوة بني قريظة وقد جرح بالأحزاب وغزوة بني قريظة كانت في نهاية العام الخامس من الهجرة والفتح كان في العام الثامن من الهجرة، فما جمعهما الإسلام فكيف يستشهدان على شهادة واحدة، ومثل هذا ما حصل للحاكم أبي عبد الله أحمد بين البيع حين سمع شيخا بنيسابور يحدث فيحدث عن هشام بن عمار، فسأله فقال: متى دخلت مصر؟ قال: سنة ثمانين، فقال: إن هذا الشيخ لقي هشاما بعد موته بإحدى عشرة سنة، فنظير هذا مما يحتاج الناس إليه في إثبات العلم ولا يمكن الاستغناء عنه، ثم من علوم العربية المفيدة كذلك علم العروض وعلم القوافي، إذ بهما إقامة الشعر، والشعر أهميته واضحة سواء كانت في التاريخ الماضي، ولذلك علقت المعلقات على الكعبة، أو كانت في صدر الإسلام ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم حسان أن يهجو قريشا وأخبره أن هجاءه أشد عليهم من وقع النبل، وأمر أبا بكر أن يعينه على ذلك، ولهذا حين وصل إليهم قول حسان رضي الله عنه:
وإن كرام الأصل من آل هاشم
بنو بنت مخزوم ووالدك العبد
قالت قريش: هذا والله شعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة، فإنه استله منهم كما تسل الشعرة من العجين، إن كرام الأصل من آل هاشم بنو بنت مخزوم، عبد الله وأبو طالب أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومية، فهذا لا يعرفه إلا من كان من أهل الأنساب من أنساب قريش فلذلك قالوا: شعر والله ما غاب عنه ابن أبي قحافة، والعروض والقوافي بهما إقامة أوزان الشعر ومعرفة قوافيه، والشعر من أوجه الإتقان في هذه اللغة والتميز فيها، فهو أمر يحتاج إليه، ولذلك نص شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله على أن الأهزاج المخالفة لأوزان الخليل بن أحمد بدعة لا يحل الاشتغال بها، ومثل هذا يطلق على الشعر الحر، فما كان منه غير جار على التفعيلات المعروفة أو كان خارقا لها فهو تغيير وابتداع يؤدي إلى نقض المألوف والمشهور بين الناس، ولذلك يعتبر منهيا عنه من هذا الوجه، هذه بعض علوم اللغة العربية التي هي فروض كفايات، وبهذا يعرف مزية هذه اللغة من ناحية الحكم، أما من ناحية المصلحة فإن أعظم ما تحتاج إليه الشعوب والأمم هو ما يميزها حتى لا تذوب فيما سواها، وكل أمة لها حضارة ولها ميزات تميزها عن غيرها، وإذا جهلت هذه الميزات وزالت ذابت تلك الأمة في غيرها من الأمم، ومن هنا فإن الميزة التي تميز هذه الأمة عن غيرها من الأمم هي اللسان العربي، وإذا تخلصت هذه الأمة من لسانها أصبحت ذنبا في ذيل غيرها من الأمم وكانت تابعة لغيرها ولم يعد لها تاريخ ولم يعد لها ذكر بين الأمم.
إن الحفاظ على هذه اللغة العربية بالإضافة إلى أنه مما يتعبد الله به ويبتغى به وجهه هو كذلك من التسنن بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وأصحابه المهديين والتابعين وأتباعهم، وهو كذلك مما يرفع الله به الدرجات ويزيد به المنازل، والناس محتاجون إليه، ولا يمكن أن يستغنى عنه، ولهذا يجب على الآباء أن يعلموا أولادهم هذه اللغة، وأن يعلموهم محبتها، ويجب على أساتذة اللغة العربية أن لا يكونوا من الفتانين وأن يحببوا هذه اللغة العربية إلى من يدرسها، وأن يحدثوا لديهم ذوقا لغويا يقتضي منهم محبة لهذه اللغة العربية وعناية بها وتركيزا عليها، وكذلك على الأمهات أن يشاركن في تعليم الأولاد وتحبيب هذه اللغة إليهم، وعلى الكبار كذلك أن يدرسوها وأن يتدبروها وأن يعلموا أنهم لا يمكن أن يفهموا القرآن ولا السنة إذا إذا كان لديهم رصيد من هذه اللغة، وأن يفهموا كذلك أن قيمهم وتاريخهم ومجدهم مرتبط بهذه اللغة، إن الحفاظ على هذه اللغة لا يمكن أن يكون من واجبات نظام أو دولة فقط، بل لا بد أن يكون من واجبات الأفراد والأمة بكاملها، وأن تعتني بذلك وأن يقع التعاون عليه، وأن لا يبقى أحد يستطيع المشاركة فيه إلا قدم مشاركته، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يزيدنا علما، وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
اللهم وفقنا لما يرضيك عنا وخذ بنواصينا إلى الخير أجمعين اللهم استرنا بسترك الجميل، اللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أنفسنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
منقول من موقع العلامة الشيخ/ محمدالحسن ولد الددو
أخوكم/ محب الددو
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - 10 - 2007, 04:24 م]ـ
بارك الله فيكم
وهو تفريغ للمحاضرة الصوتية الرائعة، وهذا رابطها:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=45235
ـ[أبو طارق]ــــــــ[03 - 10 - 2007, 12:09 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبًا بك أخي الفاضل في الفصيح
ونشكر لك جهدك الطيب