تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هي الاصل في تغيير المنكر وازالته باليد، اى بالقوة لانها مسؤولة شرعا عن تطبيق الاسلام، وعن الزام الناس باحكامه.

اما تغيير الافراد للمنكر، فالفرد الذى يرد امامه منكرا كأن يرى شخصا يشرب الخمر او يسرق او يهم بقتل شخص او الزنى. فان كان قادرا ولو بغلبه الظن على ازالة هذا المنكر بيده وجب عليه ان يبادر الى تغييره وازالته بيده. فيمنع الشخص من شرب الخمر، او من السرقة، او من القتل، او من الزنى، يمنع كل ذلك ويزيله بيده، لانه قادر على تغييره باليد، تنفيذا لقوله (من راى منكم منكرا فليغيره بيده) واستعمال اليد، اى القوة المادية لتغيير المنكر منوط بالقدرة الفعلية ولو بغلبة الظن على تغيير عين هذا المنكر وازالته باليد، فان عدمت قدرة الازالة لا يستعمل اليد، لان استعمالها عندئذ لا يحقق الغرض الذى استعملت اليد من اجله، وهو تغيير المنكر وازالته، فمناط استعمال اليد الوارد في الحديث منوط بالقدرة على تغيير المنكر بالفعل، بدليل ان الحديث نفسه جعل الانتقال الى انكار المنكر باللسان عند عدم الاستطاعة، اى عدم القدرة على تغير المنكر وازالته باليد حيث قال: (فان لم يستطع فبلسانه) وانكار المنكر باللسان لا يعتبر تغييرا للمنكر، وانما هو تغيير على مرتكب المنكر، اى انكار عليه ارتكابه المنكر، فان لم يستطع الانكار بلسانه فعليه ان يكره ذلك المنكر بقلبه وان لا يرضى به.

هذا كله في المنكر الذى يحصل من افراد او جماعات، اما المنكر الذى يحصل من الحاكم كان ياكل اموال الناس بالباطل، او يمنع الحقوق، او يهمل في شأن من شؤون الرعية، او يقصر في واجب من واجباتها، او يخالف حكما من احكام الاسلام، او غير ذلك من المنكرات ففرض على المسلمين جميعا ان يحاسبوه، وان ينكروا عليه ذلك، وان يعملوا على التغيير عليه، امة، وجيشا، وتكتلات، وافرادا، وياثمون بالسكوت عنه، وبترك الانكار والتغيير عليه.

ويكون الانكار والتغيير عليه عند ارتكابه منكرا من المنكرات بطريقة المحاسبة باللسان. لما روى مسلم عن ام سلمة ان رسول الله قال: " ستكون امراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره برىء، ومن انكر سلم، ولكن من رضى وتابع " ولما روى عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ( .. كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتاخذن على يدي الظالم، ولتاطرنه على الحق اطرا ولتقصرنه على الحق قصرا، او ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم). كما جعل رسول الله قوله الحق عند سلطان جائر افضل الجهاد، حيث اجاب الرجل الذى ساله: اى الجهاد افضل ? قال: (كلمة حق عند سلطان جائر). ولورود احاديث تحرم الخروج عليه بالسلاح الا في حالة واحدة استثنيت من حرمه الخروج عليه بالسلاح، وهي حالة ما اذا ظهر الكفرالبواح، الذى فيه من الله برهان بانه كفر صراح لا شك فيه. اى اذا اظهر الحكم باحكام الكفر الصراح، وترك الحكم بما انزل الله. فعن عوف ابن مالك الاشجعي قال: سمعت رسول الله يقول: (خيار ائمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، قال: قلنا يا رسول الله افلا ننابذهم بالسيف، فقال: لا ما اقاموا فيكم الصلاة) والمراد باقامة الصلاة الحكم بالاسلام، اى تطبيق احكام الشرع من باب تسميه الكل باسم الجزء، وعن ام سلمة ان رسول الله قال: (ستكون امراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره برىء، ومن انكر سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: افلا نقاتلهم ? قال: لا ما صلوا) اي ما قاموا باحكام الشرع ومنها الصلاة من باب اطلاق الجزء على الكل، وعن عبادة بن الصامت قال: (بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى اثره علينا، وعلى ان لا ننازع الامر اهله، وعلى ان نقول بالحق اينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) وزاد في رواية (قال الا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان).

فمفهوم هذه الاحاديث الثلاثة ينهى عن الخروج على الحاكم بالسلاح، الا في حالة عدم حكمه بما انزل الله، اى في حالة حكمه باحكام الكفر البواح، الذى فيه من الله برهان بانه كفر صراح لا شك فيه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير