تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واستحب أحمد، رحمه الله، إخراجها عن الجنين.

ولا يشترط لها نصاب، فضابط المسألة: تحقق مقدارها فاضلا عن حاجته وحاجة من يعول يوم العيد وليلته.

والحكمة من مشروعيتها:

ذكرها ابن عباس، رضي الله عنهما، في حديث: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر: طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين).

فدل ذلك على أن الحكمة من مشروعيتها:

أولا: أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث وهو: الفحش من الكلام، فهي بمثابة الجابر لما وقع في الصيام من خلل لا يسلم منه أحد.

ثانيا: أنها طعمة للمساكين، ومواساة لهم في هذا اليوم ليشاركوا الأغنياء فرحة العيد، وقد علم أن التوسع في المآكل والمشارب والمناكح في أيام الأعياد، بلا إسراف أو تبذير، أمر مقصود للشارع، عز وجل، وزكاة الفطر تكون طعاما، كما سيأتي إن شاء الله، وحصول الطعام في يد الفقير في مثل هذا اليوم الذي يشرع فيه التوسع يحقق مقصود الشارع عز وجل في مثل هذه الأيام المباركة.

وأما مقدارها فالراجح أنه:

صاع من قوت أهل البلد، لحديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، مرفوعا: (كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ).

وهو نص في محل النزاع، يرجح قول الجمهور على قول أبي حنيفة، رحمه الله، الذي رجح جواز إخراج القيمة، لأن قوله: "من طعام" بيان لجنس الزكاة، والزكاة لا يجوز إخراج قيمتها، وإنما يتوقف في أجناسها ومقاديرها على نص الشارع، عز وجل، فمن وجبت عليه زكاة إبل، فأخرج قيمتها، مع استطاعته إخراج المنصوص عليه، فزكاته غير صحيحة، والأمر مطرد في كل أصناف الزكاة ما عدا عروض التجارة، فالأصل إخراج زكاتها نقدا، لأن الغرض منها الربح، ولكن أجاز بعض أهل العلم كشيخ الإسلام، رحمه الله، إخراجها من عين السلع التي يتاجر فيها، إن تعذر عليه إخراجها نقدا.

وزكاة الفطر: زكاة عن بدن الصائم، فناسب أن يخرج عن بدنه زكاة من جنس القوت الذي يتغذى عليه.

وقوله: "من طعام": لا يعني وجوب الاقتصار على الأصناف المذكورة في الحديث، وإنما خص تلك الأصناف بالذكر، لأن العرف السائد آنذاك: أن هذه الأصناف هي قوت أهل المدينة، فيكون التخصيص هنا من باب: "التخصيص بالعرف المقارن للخطاب"، وهو متغير تبعا لتغير الزمان والمكان، فما كان قوتا أساسيا في زمان أو مكان قد لا يكون كذلك في زمان أو مكان آخرين.

فالنص: "طعام": عام، و ذكر بعض أفراده: (الشعير، الزبيب، .......... )، لا يخصصه، كما تقرر في الأصول، وعليه يخرج صاعا من قوت أهل بلده، فلو كان قوتهم الأرز أخرج صاعا من أرز، وإن كان لبنا أخرج لبنا ................ إلخ.

وذهب بعض أهل العلم إلى: إجزاء نصف صاع من القمح عن صاع من غيره، واستدلوا بآثار عن عثمان، وعلي، وجابر، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن الزبير، وأمه أسماء ذات النطاقين، ومعاوية، رضي الله عن الجميع.

وتمسك آخرون بعموم نص حديث أبي سعيد: "صاعا من طعام"، فلم يفرق بين القمح وغيره من بقية الأصناف.

واحتج أصحاب الرأي الأول بحديث أسماء، رضي الله عنها، عند الطحاوي وابن أبي شيبة وأحمد بسند صحيح من طريق عروة بن الزبير وفيه: أنها كانت تخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهلها: الحر منهم والمملوك، مدين، (أي: نصف صاع لأن الصاع نحو: أربعة أمداد)، من حنطة، (أي: قمح)، أو صاعا من تمر.

والصاع يقدر بنحو: 4_5 أمداد، أي: حفنات، بكفي الرجل المعتدل.

والملاحظ أن الصاع: كيل، وليس وزنا، فهو معيار للحجم لا الكتلة، وعليه فإن وزنه يختلف تبعا لنوع المكيل، وقد سجل بعض الدعاة مقدار الصاع من بعض الأصناف التي يقتات الناس بها على النحو الآتي:

القمح: 2,040 كيلوجرام

الأرز: 2,300 كيلوجرام

التمر: 3,000 كيلوجرام

اللوبيا: 2,000 كيلوجرام

الزبيب: 1,600 كيلوجرام

الفاصوليا: 2,650 كيلوجرام

عدس بجبة: 3,000 كيلوجرام

عدس أصفر: 2,000 كيلوجرام

وأما وقت وجوبها فهو من:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير