تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتكتب شركات التأمين عقودها بصورة مُعقدة وغير مفهومة لكثير من الناس، حتى تتهرب قدر الإمكان من دفع التأمين إذا احتاج إليه المُتعاقد. وما من شيء أيسر على شركات التأمين من إيجاد السبب لإبطال عقد من العقود، والتحلل من التزاماته؛ فالظروف غير العادية ـحسب نظامهاـ تجعلها في حل من جميع التزاماتها، وزيادة الخطر من مبطلات الالتزام ما لم يزد المُؤمَّن في قيمة القسط. والإخلال بشرط من شروطها مهما خفي أمره يعتبر لديها من أهم المحللات. وقد وضعت شروطها وأحْكَمَتْها بحيث لا يأتي بها كاملة إلا قلة من الناس، فيندر أن يَسْلَمَ أحدٌ من المؤمَّنِ لهم من شر هذه الشروط التي تجد شركات التأمين فيها أعظم مجال لتصيُّد الثغرات والتحلل من الالتزامات.

فعلى سبيل المثال، في عقد شركة تأمين معينة، كان على الشركة تمويل علاج كيماوي مُعيّن لسرطان الأمعاء الغليظة فقط إذا كان الورم في المستقيم، والمستقيم طوله حسب كتب التشريح 10 - 15 سم، فما كان من شركة التأمين إلا أن كتبت في العقد أن طول المستقيم المعتبر في العقد هو 10 سم. وبما أن 99% من المُؤمّنين لا يعرفون شيئًا عن طول المستقيم، فقد يجد بعضهم نفسه مع ورم في أعلى المستقيم بعد أن دفع لسنوات ثمن التأمين الباهظ، ولا يستطيع الحصول على العلاج بسبب فرق 1 أو 2 سم في مكان الورم!!!

هذا كله فضلا عن البيروقراطية المقيتة التي تنتهجها شركات التأمين، فلا يكاد يُحصّل المُؤَّمنُ ما تعاقد عليه مع الشركة إلا بشق الأنفس، هذا إن لم يستسلم خلال غوصه في كوم الأوراق.

وكما استغلت الرأسمالية كل شيء وبحثت عن المنفعة في كل جُحر، استغل الرأسماليون نظام التأمين، فشركات التأمين تجبي من المُؤَمَنين أضعاف أضعاف ما تنفقه على علاجهم.

وكما قُلنا فإن الخطر الأساسي من التأمين الصحي آت من جهة أنه وسيلة لإطالة عُمر الرأسمالية وتسلطها على رقاب الناس، وهذا أخطر الجوانب في هذا النظام.

لقد أوجب الإسلام على الدولة تحقيق إشباع الحاجات الأساسية للرعية، ومن ضمنها التطبيب، فتؤمن الدولة التطبيب للجميع لا فرق بين غني وفقير ولا بين موظف وغير موظف، وتدفع جميع النفقات المترتبة على ذلك من بيت المال أي من خزينتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "الإمام راع وهو مسئول عن رعيته" (2). والطب من المصالح والمرافق التي لا يستغني عنها الناس، فهو من الضروريات، قال عليه الصلاة والسلام: " من أصبح منكم معافى في جسده آمنًا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا" (3)، فقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الصحة حاجة أساسية. على أن عدم توفير الطب لمجموعة الناس يؤدي إلى الضرر، وإزالة الضرر واجبة على الدولة، قال عليه السلام: "لا ضرر وضرار" (4). فمن هذه الناحية أيضاً كان التطبيب واجباً على الدولة. وفوق هذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلّم أهدي إليه طبيب فجعله للمسلمين، فكون الرسول جاءت الهدية له ولم يتصرف بها ولم يأخذها بل جعلها للمسلمين، دليل على أن هذه الهدية مما هو لعامة المسلمين وليست له.

منقول عن موقع: الخلافة فرض الفروض

يتبع إن شاء الله على حلقات

http://www.daralhayat.com/special/features/08-2006/Item-20060801-cafcbbae-c0a8-10ed-004c-

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير