معتمدين الأول الدبلوم الأمريكي والذي يطبق على مناهج بمواصفات
أمريكية والآخر البكالوريا الأوروبية والتي تعنى بالتعليم الأوروبي، بحيث يتاح
للطالب والطالبة حرية الاختيار)! وهنا أتساءل وعلى فرض أن الوزارة حمت
مقدرات أبنائنا العقلية وحصنت انتماءهم الديني من خلال رعايتها المباشرة
لمواد الدين واللغة العربية، فهل ستتمكن من تدريس هذه المواد بالقدر الذي
تدرس في مدارسنا النظامية، وهل ستشرف على وضع وتصحيح امتحانات هذه
المواد للتأكد من تحقيق الغايات والأهداف منها، ومن ناحية أخرى هل ستستطيع
حماية أبنائنا مما قد يدس في المواد الأخرى من معلومات تتناقض مع تعاليم ديننا
وتراثنا الوطني، كمواد العلوم والأحياء على سبيل المثال، وهل ستتابع
الوزارة سير العملية التعليمية في تلك المدارس، وكيف ستتمكن من ذلك، واللغات
المعتمدة فيها غير محدودة بلغة أو اثنتين؟ ثم أين تاريخ بلادي من هذه السياسة
التعليمية الجديدة؟ وأين جغرافية هذا الوطن الغالي؟ وهل سيفسح لتلك المدارس
تدريس تاريخ الشعوب الأخرى على حساب تاريخنا الإسلامي وتاريخنا
الوطني؟ وهل سيأتي يوم على أبنائنا لا يعرفون خلفاءنا الراشدين ..
ولا يعرفون تراثنا الإسلامي .. ولا يعرفون بسالة وتواضع عبدالعزيز بن
عبدالرحمن آل سعود وإنجازاته؟! هل سيأتي يوم نتعامل فيه مع أبنائنا كغرباء
يتحدثون بغير لغاتنا ويفكرون بغير فكرنا؟! هل ستكون ثقافتهم التاريخية محدودة
بالحرب الأهلية الأمريكية، وهل ستدرس مادة الوطنية الدستور الأمريكي،
والديمقراطية الأمريكية؟! وحق الاختيار للملحدين وللمثليين؟! أم هل
ستدرس الهولوكوست!! أم ستدرس تاريخ بريطانيا التي لا تغيب عنها
الشمس!! أم ستدرس الفتن التي مرت على التاريخ الإسلامي بغرض
إشعالها وتأجيج نارها وتعزيز الفرقة بين أمتنا .. ؟! ليت القائمين على هذا
القرار يعيدون النظر فيه، فمستقبل البلاد وسلامتها وصحة انتماء أبنائها وبناتها
مناط بهم، بعد الله سبحانه، ليتهم يرجعون للمؤتمر الذي عقد مؤخرا في
الولايات المتحدة الأمريكية، تحت عنوان (إعادة تفسير القرآن وعلمنة الإسلام)،
ليتهم يتوقفون عند السير الذاتية للمنظمين له، إذ سيجدون أن الفاعلين منهم
ينتمون إما لتيار المحافظين الجدد المعروفين بدفاعهم المستميت عن المحتل الصهيوني،
أو أنهم تابعون لمؤسسات أوروبية تتباهى بموالاتها للصهيونية، ليتهم يتفكرون
في كون معظم المتحدثين فيه إما غير مسلمين، أو مرتدين عن الدين الإسلامي
محاربين له، ليت واضعي هذا القرار يتابعون توصيات هذا المؤتمر، التي منها
ضرورة صياغة "إسلام عصري" يواكب متطلبات المرحلة التاريخية الراهنة،
من خلال "إعادة تفسير القرآن" و"إعادة قراءة التاريخ الإسلامي" باستبعاد
كل محتوياته التي دعمت هويته الذاتية وحفظت له بقاءه رغم التحديات التي
واجهته، لقد بحث المشاركون فيه كيفية إحداث تحول في الثقافات الإسلامية
والعربية، وكيفية إجبار دول العالم الإسلامي على الانفتاح على الغرب،
والتخلي عن الالتزام الجاد بتعاليم الدين الإسلامي، وقبول العلمنة كأساس فكري
بديل، وتدعيم حرية التعبير - على إطلاقها - في المجتمعات الإسلامية .. والسعي
لقبول تلك المجتمعات لكل ما يتعارض والدين والعرف الإسلامي. وأخيرا ليتهم
يتوقفون عند القمة التي عقدت على هامش هذا المؤتمر وتناولت دور
الاستخبارات في تدشين حركات فكرية مناهضة لتنامي الحركات الإسلامية في العالم،
- وبغض النظر عن توجهها سلبياً كان أم إيجابياً - ليتهم يكرموننا بالبحث عن
خلفية من شارك فيه، إذ سيعلمون علم اليقين أن عددا من قادة المخابرات الصهيونية
ممن كان لهم باع طويل في الموساد الصهيوني، كانوا من المتحدثين الأساسيين فيه.
قرار الوزارة هذا اطلعت عليه منذ عدة أسابيع، ومن ثم حاولت كعادتي الهروب
منه، ورمي حمله على غيري، إلا أن هذا المؤتمر أعاده إلى ذاكرتي، مما دفعني
للبحث عن نصه، لعلي أدق ناقوس الخطر .. فيعاد النظر فيه وفي أهدافه ونتائجه ..
ألا هل بلغت اللهم اشهد؟
http://www.imamu.edu.sa/arabic/p7.htm