وشيئا فشيئا استدرجه مقدم البرنامج، وهو أحد أخصائي "تجميل" زعيم من زعماء البدعة المعاصرين فبرامجه لا تكاد تخلو من تمجيد له بمناسبة ودون مناسبة في مقابل حط واضح من قدر أهل السنة، تلمحه، كما يقول أحد الكتاب المعاصرين، في كلماته، وفي نوعية ضيوفه الرديئة غالبا، فشعارات "الوحدة" و "التقريب" والتغطية على جرائم أهل البدعة، لاسيما في العراق الحبيب، في حق إخواننا أهل السنة، هي السائدة في برنامجه، استدرجه إلى تمجيد ذلك القائد الذي لا يعدو أن يكون رأس حربة متقدم لمشروع فارسي في بلاد الشام، في مقابل مشروع أمريكي يمد أعوانه هو الآخر بأسباب القوة، وقد ضاع الحق بينهما، وتحيرت الأذهان فيهما، فأيهما المصيب؟!!!، فاندفع ذلك "الجاهل المركب" ليثني على ذلك القائد حتى خلع عليه وصف "النبوة"!!!!، وهو لا يقصده بطبيعة الحال وإنما هي مبالغة الجاهل إذا غلا في المحبة كما يغلو الأتباع في شيخهم، وهو الذي جدد الله به ما اندرس من مجد هذه الأمة!!!، ونحن في مصر نميل إلى معتقده، فنصب نفسه متحدثا رسميا عن المسلمين في مصر، مع أن غالبيتهم العظمى بل الساحقة: من أهل السنة، ولله الحمد والمنة، ولكن لشاعرنا رأي آخر!!!!
ثم راح يحكي عن خلافاته السياسية العميقة مع قادة مصر السابقين!!!، ونسب نفسه إلى مدرسة المتنبي!!!، ولو علم المتنبي بأن أمثاله سينتحلون طريقته، لما قال الشعر أصلا، ولاستبدل صناعته بأي صناعة أخرى، والله أعلم.
واستمر الهذيان، وتحقق الهدف باسترعاء انتباه المشاهدين ودغدغة مشاعرهم بكلمات الضيف: الجريئة الساخنة، الفارغة في نفس الوقت.
ولله در أبي الطيب، الذي يظهر الضيف الانتساب إليه، إذ يقول:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ******* فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
والصورة الثانية من برنامج: "الشريعة والحياة":
إذ هبت عاصفة "ترابية"!!!! مركزها استوديوهات قناة الجزيرة، كان بطلها: أحد مجددي: "وادي النيل"، وعن خرقه لإجماع المسلمين: حدث ولا حرج!!!!، وما ظنك بمن فسر الحجاب في قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)، بأنه: حائط الدار لا الحجاب الشرعي، أي: اسألوهن من وراء الحائط، وعليه يسقط الاستدلال بهذه الآية على فرضية الحجاب!!!!.
ومن تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله:
"هذه آية الحجاب، وفيها أحكام وآداب شرعية، وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال: وافقت ربي في ثلاث، فقلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فأنزل الله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]. وقلت: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو حجبتهن؟ فأنزل الله آية الحجاب. وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما تمالأن عليه في الغيرة: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم:5]، فنزلت كذلك". اهـ
وصدق من قال: لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف. ولكن تكلم كلٌ بما جال في خاطره فانتشر الخلاف ووصل أحيانا إلى حد الهذيان.
ولو التزم ذلك المتحدث: نهج السلف، وعلى رأسهم الصحابة، رضي الله عنهم، أعلم الناس بلغة التنزيل ومقاصده، وهو النهج الذي يكيد له كثير المسلمين فضلا عن أعدائهم، لو التزمه لما وقع في هذا الشطط، ولكنه، كحال كل مبتدع، يقدم رأيه أو ذوقه على النصوص، فإن وافقتها النصوص فنافلة، وإن خالفتها، فالهوى هو المقدم!!!
ولله در القرطبي، رحمه الله، إذ يقول في مقدمة تفسيره: "وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن مقدم لشهودهم التنزيل ونزوله بلغتهم". اهـ
"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 52).
وختم حديثه بتفجير مفاجأة من العيار الثقيل، إذ صرح بأنه الآن بصدد إعداد تفسير للقرآن الكريم، وبهذه الأدوات التي توصل المجتهد!!! إلى تفسير الحجاب بالحائط لا يملك المسلم إلا أن يقول: ربنا يستر!!!!!، ولعل الله، عز وجل، أن يعسر خروج مثل هذه المصنفات التي تهدم الشريعة باسم تجديد الشريعة.
¥