ومن ضيعه سقط"
وقدمت بلاد فارس على مر العصور أئمة مجددين بدءا بأبي حنيفة، رحمه الله، مرورا بسادة المحدثين، وجلهم من عجم المشرق كالبخاري ومسلم، على خلاف في كونه: عربيا قشيريا صليبة أو: عربيا بالولاء، وأبي داود السجستاني، والترمذي، وابن ماجه القزويني، وأبي عبد الرحمن النسائي.
وحمل غير العرب لواء الدفاع عن بيضة الإسلام في غير عصر، فالسلاجقة الأتراك أنقذوا الخلافة العباسية من قبضة البويهيين، وآل زنكي وصلاح الدين من بعدهم، صدوا حملات عباد الصليب، والمماليك قادوا المصريين لكسر الهجمة التترية، والعثمانيون الأتراك أقاموا خلافة زاهرة امتد سلطانها على نحو عشرين مليون كيلومتر مربع، في ثلاث قارات، فكان معظم العالم القديم تحت سلطان الإسلام.
وكم من نساء تزن الواحدة منهن آلاف الرجال، وإن شئت الدقة، فقل: آلاف الذكور.
ومن عجائب الفضائيات في هذا الباب:
لقاء بين عربي وأمازيغي في أحد برامج: "مناقرة الديوك"، فالثاني يبدأ كلامه بلغة الأمازيغ، مع كونه متقنا للعربية، نكاية في الآخر، ثم يحتدم النقاش حول: اللغة التي ألقى بها طارق بن زياد، رحمه الله، وهو من البربر الذين رفع الإسلام قدرهم، خطبة الفتح الشهيرة، على تحفظ في ثبوتها، هل كانت عربية أم أمازيغية؟!!!!!، ولا تعليق.
والتاريخ يشهد أن جل من عبر إلى الجزيرة الأندلسية الحبيبة كانوا من البربر الذين فتحوها برسم: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكفى!!!.
وأن أول قدم مسلمة وطأت ثرى الجزيرة كانت قدم: "طريف بن مالك"، رحمه الله، في خمسمائة من الجند وهو، أيضا، بربري، عَبَرَ برسم الإسلام لا البربرية، فعلام هذا الجدل العقيم؟!!!!
ولقاء بين أكاديميين: شامي وسوداني، فالأول يقيس العروبة منتصرا لها على "حلف الفضول"، وهو قياس مع الفارق، إذ كان حلف الفضول حلفا على نصرة المظلوم ومكارم الأخلاق، وهي أمور قررها الإسلام، بل وسائر الشرائع، بل وسائر العقلاء على اختلاف مللهم ونحلهم، وأما العصبية الجاهلية لجنس أو نوع أو عرق، فقد أبطلها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)، والحديث عند الترمذي، رحمه الله، في جامعه من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر، رضي الله عنه، وهي أصح الطرق إلى جابر، رضي الله عنه، كما قرر أهل العلم.
فكيف يعود فرع ألغته الشريعة على أصل كلي: أصل: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)، بالإلغاء، وهل يعارض الكلي المعتبر بالجزئي الملغي؟!!!.
ولما كسع المهاجري الأنصاري، فقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَالِلْمُهَاجِرِينَ وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَالِلْأَنْصَارِ، صار الاسمان، "المهاجرون والأنصار"، مع كونهما اسمان شرعيان مدح الله عز وجل أصحابهما بقوله: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، محل ذم لما عارضا الجامعة الإسلامية التي لا تقوى أي جامعة: قومية أو حزبية ........... على معارضتها.
والثاني: يقترح حلا أغرب، فالحل هو: تقسيم العالم العربي إلى تجمعات: فالمغرب العربي: تجمع، و: وادي النيل: تجمع، و: الخليج: تجمع، و: بلاد الشام والعراق: تجمع، وكأن الأمة في حاجة إلى مزيد من الفرقة والتشتت.
والعربية إن صارت: وثنية، فهي منتنة ردية!!!.
والله أعلى وأعلم.