ومثل هذا لا يقال بالرأي، فله حكم الرفع، لأن فيه نصا على عقوبة بعينها على معصية بعينها، والصحابي لا يقول ذلك إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأما الإهداء إليهم وقبول هديتهم فملخصه:
أنه إن كان في غير عيدهم فهو جائز، بخلاف الإهداء إليهم في عيدهم فهو مظنة تهنئتهم، وإقرارهم على باطلهم، بل وإعانتهم على إقامته، فينهى عنه سدا للذريعة.
وأما الإهداء للمسلم في عيدهم:
فإن كان موافقة حال دون قصدٍ، فهو جائز، بل مستحب في كل وقت.
وإن قصد زمن عيدهم، بعينه، فهو محرم.
وأما قبول هدية الكافر في عيده:فإن كانت من غير الذبائح، فهي جائزة، والأصل في ذلك:
ما روي عن علي رضي الله عنه: أنه أتي بهدية النيروز فقبلها.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا جرير، عن قابوس عن أبيه: "أن امرأة سألت عائشة، قالت: إن لنا أظآرا من المجوس، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا. قالت: أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم".
وقال: حدثنا وكيع، عن الحسن بن حكيم عن أمه، عن أبي برزة: أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان، فكان يقول لأهله: "ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه".
وأما إن كانت من ذبائحهم، فإنها لا تحل، مع أن الأصل في طعام أهل الكتاب أنه حل لنا، لأن ذبائحهم في أعيادهم مظنة: التعبد، وهم يذبحون لغير الله، عز وجل، في أعيادهم، فعورض أصل: حل طعامهم، بأصل: حرمة ما ذبح لغير الله، فقدم الأصل الثاني.
وأما قبول هدية المسلم في عيدهم:فإن كانت موافقة حال فهي جائزة، بل مستحبة تطييبا لخاطر المُهْدِي.
وإن قصد زمن عيدهم فهي محرمة.
وكتاب "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" لشيخ الإسلام، رحمه الله، عمدة في هذا الباب: باب التشبه في الأفعال والأقوال والأعياد .............. إلخ، وقد حشد في أوله أدلة الكتاب والسنة والإجماع المحكمة في هذا الباب بما يزيل أي إجمال ويبطل أي شبهة.
ولم يجن المحتفل بهذا العيد إلا رائحة "الفسيخ" التي تزكم الأنوف، وتهيج النفس، فيكاد المرء يتقيأ من رائحته المزعجة المهيجة، فضلا عن مخالفته أمر الشارع، عز وجل، في هذا الموضع، فهو خاسر في جميع أحواله.
والله أعلى وأعلم.