تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما تعلمته خلال هذه الفترة وما شاهدته خلال التدريب قبل التمثيل هو الطاعة العمياء لهذا الشخص الذي يطلقون عليه: المُخرج.

بعد انقضاء هذه الفترة ألحقني هذا المخرج الذي جلست أتدرب تحت يديه بزميل له لكي أقوم بدور ثانوي في فيلم ...

وجاء اليوم الذي سأقوم فيه بالتمثيل، وكنت أشاهد مدى الطاعة العمياء ومدى الاحترام والتوقير والتجليل لسيادة المخرج، وفي هذا المكان حيث التصوير لبعض المشاهد الخارجية (خارج الأستوديو) وأثناء تنفيذ أوامر السيد المخرج، سمعت صوت المؤذن: الله أكبر .. الله أكبر، صوت المؤذن يأتي من أحد المساجد القريبة من مكان التصوير، دار بذهني منذ متى وأنا لم أسمع هذا الصوت؟ منذ متى وقد نسيت ذكر الله؟ البحث عن وظيفة ألهاني؟ أم الفن والمال والجمال؟

كرر المؤذن: الله أكبر .. الله أكبر.

مازلت أؤدي دوري بإتقان، وكلما أخطأت تضايق المخرج ونهرني أن أفعل كذا وكذا وكنت كل ما أقوله: سمعاً وطاعة.

وأقوم بتفيذ أوامره كما أملاها لي.

مازال صوت المؤذن يقول: حي على الصلاة ... حي على الصلاة.

وجدت قلبي ينبض نبضات سريعة وكأن شيئاً ما سيحدث.

وكأن صوت المؤذن يدخل في أذني أنا فقط من بين الموجودين وهو يقول: حي على الفلاح .. حي على الفلاح.

عندها لم أستكمل الكلمة التي كنت سأنطق بها في التمثيل، بل قطعتها وتحركت بعيداً متجهاً إلى المسجد دون أن أستأذن من السيد المخرج ودن أن أخبر أحداً، اندهش المخرج اندهاشاً غريباً وهو يصيح بأعلى صوته , وينادي عليّ: أنت ذاهب إلى أين يا أستاذ. وقال كلامًا كثيراً كله يؤدي إلى معنى الطاعة والاندماج في العمل وعدم قطع العمل هكذا دون الإذن وأشياء من هذا القبيل.

قلت له (وأنا أعلم أن سيغتاظ): ذاهب لأصلي الظهر.

وجدت المخرج وقد انقلب إلى شخص آخر غير الذي كان وهو يقول بحنجرة قوية: لا تصلي ..... نحن في وقت عمل .. أنا أقول لك لا تصلي.

تركته لم أبال بصوته المزعج، أديت صلاة الظهر في المسجد، لم أعد إليه ثانية. كرهت كل من يحمل لقب فنان أو ممثل، رجعت إلى صاحب محل البقالة، وجدته قد استأجر آخراً غيري، عدت إلى بيتي القديم وتركت العاصمة لأهلها ومن هم في غيابات الترف والنعيم والتكاثر.

أرشدني الأصدقاء هناك بالانضمام إلى جمعية خيرية أساعد من خلالها الأيتام في التعليم مقابل أجر رمزي من المال، انضممت إليها، وادخرت بعد مصاريفي الخاصة أنا وأسرتي مبلغاً من المال، فتحت بهذا المبلغ مكتبة لبيع الكتب الإسلامية والدينية والتعليمية، هي الآن من أشهر المكتبات في المنطقة، بل عدت لا أحتاج إلى العمل من سعة رزقها، واستأجرت شاباً يعمل بها مقابل الأجر.

هذه قصة كما رواها صاحبها (أبو هدير) إلا في اختلافات بسيطة من تحويل الكلام المقول إلى كلام مكتوب، وتحويل الألفاظ العامية إلى فصحى بقدر الإمكان.

ـ[ضاد]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 12:59 ص]ـ

جزاك الله خيرا على هذه القصة, واسمح لي بنقلها إلى العام.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه.

ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 11:56 ص]ـ

قصة رائعة تؤكد هذا المعنى: من ترك شيئاً لله عوضّه الله خيراً منه.

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 01:24 م]ـ

أحسنت أخي الكريم

عندها لم أستكمل الكلمة التي كنت سأنطق بها في التمثيل، بل قطعتها وتحركت بعيداً متجهاً إلى المسجد دون أن أستأذن من السيد المخرج ودن أن أخبر أحداً

ولكن بعيدا عن عمل السينما، كان عليه أن يستأذن من صاحب العمل وإن لم يأذن له، قام من مكانه من دون مراعاته.

ـ[بثينة]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 05:40 م]ـ

شكرا أخي على هذه القصة الرائعة

حقا:

من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه.

ـ[أبو طارق]ــــــــ[29 - 04 - 2008, 05:42 م]ـ

جزاك الله خيرًا أستاذ حمدي

اشتقنا لموضوعاتك الطيبة

ـ[بكاء]ــــــــ[01 - 05 - 2008, 07:12 ص]ـ

أستاذ/ حمدي:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكراً لك، لأستخدمك أسلوب الأدب في الأدب، خاصة في مثل ما يتعلق بالسينما، لأن في معظم هذه المواضيع يتخذ بعض الناس، وخاصة الكُتّاب؛ المرأة وسيلة لنشر أفكارهم بحجة الاهتمام بها والخوف عليها من الضياع. فيبدأون في وصف ما تقوم به المرأة في السينما من الأشياء المعروفة التي تخدش الحياء، والتي ينكرها الجميع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير