تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

§ وقد يكون ذلك، راجعا لأصل إشتراط المصنف، فشرط المصنف لين، كما وقع لإبن حبان وابن خزيمة، وإن كان ابن حبان رحمه الله أكثر تساهلا، كما هو معلوم، وفي هذه الحالة، لا يمكننا الإستدراك على المصنف، لأنه لم يخالف شرطه، وإن كان لينا، بل إن المصنف قد يخف شرطه في مواضع دون مواضع في كتابه، كما وقع لمسلم رحمه الله، في مقدمة صحيحه، حيث خرج روايات من طرق، لايمكن أن يتحقق فيها شرطه بأي حال من الأحوال، كرواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة رضي الله عنها، حيث اختلف في سماعه منها، بل جزم أبوداود رحمه الله بعدم سماعه منها، وكما وقع للبخاري رحمه الله في المعلقات الموقوفة في صحيحه، حيث خف فيها شرطه كما نبه إلى ذلك الشيخ سعد الحميد حفظه الله، والله أعلم.

وأما بالنسبة للسؤال الثالث، فلا يخفى عليك، أخي رياض، الخلاف بين المتقدمين والمتأخرين في الحكم على الأحاديث، فالمتقدمون اهتموا بجمع روايات الحديث وسبرها، قبل الحكم عليه، كما يظهر ذلك جليا من أقوالهم، كقول علي بن المديني –رحمه الله-: ((الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبيَّن خطؤه) وقول عبدالله بن المبارك: ((إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض) وقول ابن معين: ((لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه))، وقوله لإسماعيل بن علية رحمه الله، لما سأله، كيف عرف إستقامة أحاديثه، فقال له: عارضنا بها أحاديث الناس، وقول أحمد بن حنبل: ((الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً))، بينما اقتصر المتأخرون على دراسة ظاهر الإسناد فقط، دون جمع طرقه، ويظهر هذا جليا في صنيع أئمة متأخرين بارزين، كابن حزم رحمه الله.

وقد وصل تدقيق المتقدمين في جمع الروايات وسبرها، إلى حد تحديد عدد الأحاديث التي سمعها راو ما من شيخه، فيقولون مثلا: فلان لم يسمع من فلان إلا حديثا واحدا، بل وحددوا عدد الأحاديث التي وهم فيها الثقة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، الحكم على مراسيل إبراهيم النخعي رحمه الله، بالصحة، إلا مرسلين فقط، وهذا حكم كما هو واضح، لا يمكن لأي متأخر إطلاقه على أحاديث راو ما، لقصور المتأخرين عن جمع كل طرق الحديث، وهذا ابن حبان رحمه الله، يحدد معالم منهج المتقدمين، في دراسته لأحاديث بقية بن الوليد رحمه الله، حيث دخل حمص، وجمع أحاديث بقية وسبرها، فتبين له من أين أتي الرجل، وكيف أنه كان يروي المناكير عن الثقات، فأنى لمتأخر أن يفعل هذا، وقد بين لنا الشيخ بركات حفظه الله، أحد المحاضرين في معهد علوم القرآن والحديث في القاهرة، على أن طريقة المتقدمين، تعتمد على 3 أسس:

§ أولا: هل رأى الراوي شيخه أم لا؟

§ ثانيا: إن ثبتت المقابلة، هل سمع منه أم لا، فربما رآه ولم يسمع منه شيئا، كما قال العلائي رحمه الله في جامع التحصيل في رواية عطاء عن ابن عمر رضي الله عنه، حيث أثبت الرؤية ونفى السماع.

§ ثالثا: هل سمع الراوي من شيخه، هذه الرواية بالذات، أم لا، وهذا ما نجده كثيرا في كلام المتقدمين، حيث يقولون، على سبيل المثال: فلان لم يسمع من فلان حديث كذا وكذا، كما يقول البخاري رحمه الله هذا كثيرا في التاريخ الكبير، وهذا يؤكد ما سبق من عجز المتأخرين عن تطبيق هذا المنهج الدقيق.

ومن هنا وضع المتقدمون أصولا في إعلال الروايات، فنجدهم على سبيل المثال، يقولون: (الإعلال بالأعلى أولى وليس أقوى) ومثال ذلك، إذا اجتمع في سند واحد انقطاع بين وكذاب (كحديث يرويه كذاب عن الحسن البصري رحمه الله عن أبي بكر رضي الله عنه) فإعلال هذا الحديث بعدم سماع الحسن رحمه الله من أبي بكر رضي الله عنه أولى من إعلاله بالكذاب الذي روى عنه، لأن هذا الكذاب قد يتابع عليه فيخرج من العهدة، بينما الإنقطاع بين الحسن رحمه الله وأبي بكر رضي الله عنه ثابت لا يمكن نفيه بأي حال من الأحوال، كما ذكر ذلك الشيخ الحويني حفظه الله في شرحه للموقظة، ونجدهم، كما ذكر ذلك الشيخ المعلمي رحمه الله (على ما أعتقد): يلتمسون للحديث الذي ظاهر سنده صحيح ومتنه منكر، علة قادحة مطلقا حيث وقعت، فإن لم يجدوا فإنهم يعلون الحديث بعلة غير قادحة مطلقا حيث وقعت، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير