تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أوقفوا هذا العبث بالتراث:محمد عبد الله آل شاكر]

ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[23 - 05 - 04, 02:54 ص]ـ

تراث

أوقفوا هذا العبث!

محمد عبد الله آل شاكر

إن تراث كل أمة من الأمم هو ما يتناقله الخلف عن السلف، من علوم ومعارف متنوعة، في الدين والفكر والأخلاق، وفي سائر جوانب الحياة العلمية.

وكل أمة من الأمم التي تعنى بحضارتها؛ تعتز بتراثها، وتقف حياله وقفة إكبار وإجلال؛ فهو يربط حاضرها بماضيها بسلسلة من النسب العريق. ولذلك يحتل مكانته التي تليق به، وتسمو مكانة هذا التراث وتعظُم أكثر عندما يتصل بعقيدة الأمة وفكرها الديني، ويقوم على الوحي الإلهي مصدراً وغاية. وعندئذ يكون من حق هذا التراث على أبناء الأمة الغيورين، أن يحافظوا عليه، فيصدُّوا عنه غارات المغيرين، وينفوا عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين؛ وأن يأخذوا على أيدي العابثين الذين يعملون فيه معاول الهدم والتخريب، شعروا وقصدوا ذلك أو لم يشعروا أولم يقصدوا.

وقد كان ذلك؟ فهيأ الله تعالى لتراث أمتنا حراساً أمناء، اعتنوا به عناية فائقة، وقاموا بجهود كبيرة مشكورة، يدفعهم إلى ذلك: إيمان بقدسية هذا التراث، وغيرة على منهج الأسلاف.

ومع النهضة المعاصرة والصحوة الإسلامية التي تفتحت عليها أعين الجيل،

اشتدت العناية بالتراث، والذي يتابع حركة النشر وما تدفعه المطابع، يجد كمّاً

كبيراً أو سيلاً من المطبوعات، يدفع إلى إبداء بعض الملاحظات التي لا يخطئها

النظر. أحببت أن أعرضها على قراء «البيان» لعلهم يرون فيها رأياً، أو

يصححون فيها خطأ، أو يشاركون بجهد.

والذي آمله من الإخوة القراء وغيرهم: أن يكون مستقراً في الأذهان؟ أن

هذا لا يعني انتقاصاً - بأي حال من الأحوال - لجهد طيب يبذله مؤمنون صادقون، يعرفون للكلمة قدسيتها، وللتراث قيمته، فيعكفون على خدمته: دراسة وإشاعة

في الأمة، في حلة زاهية وثوب قشيب، بعد جهد ومعاناة، يتعانق فيهما الشكل مع

روعة المضمون.

كما لا يعني إبداء هذه الملاحظات - أو النصائح - أن كاتبها يجعل من نفسه

حكماً على غيره، يقوِّم أعمالهم وجهدهم.

ولكنها ملاحظات على ظواهر نراها بارزة، ونسعى للتخلص منها؛ تجويداً

للعمل وتصويباً للطريقة.

ولست في هذا بمبتدع، فقد سبق كثير من الباحثين والكتاب الأفاضل، برصد

بعض الظواهر وإبداء ملاحظاتهم، ورفعوا عقيدتهم بصيحات مخلصة -إن شاء الله

تعالى - تهدف إلى وقف الخطر على تراثنا.

تجد هذا في ما تقرؤه في كتاب «التعالم، وأثره على الفكر والكتاب»

لفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، وفي «أخطار على المراجع العلمية لتراث

أئمة السلف» للشيخ عثمان عبد القادر الصافي، وفي مقالات بمجلة «البيان»

الغراء، آخرها في العدد السادس والثلاثين. فعزز ذلك عندي إبداء هذه الملاحظات

التي تتبعتها وسجلتها منذ سنوات، ولعلها تكاملت في معظمها الآن، فعلى بركة الله

وتوفيقه نعرضها على الإخوة الكرام.

«التحقيق»: بذل عناية خاصة بالمخطوط لتقديمه صحيحاً كما وضعه

مؤلفه. وتكاد كلمة المحققين والمعنيين بالتراث تُجمِع على أن الجهود التي تبذل في

كل مخطوط يجب أن يتناول البحث فيها: أولاً تحقيق عنوان الكتاب، ثم تحقيق

اسم المؤلف، ونسبة الكتاب إلى مؤلفه، ومن بعد: تحقيق متن الكتاب [1]، ولكن

هذه القاعدة المسلَّمة أو البديهة، يضرب بها بعض المحققين عرض الحائط،

ويجعلونها تحت أقدامهم، ودبر آذانهم، فيبيحون لأنفسهم تغيير اسم الكتاب وعنوانه، ويستبدلون به اسماً آخر موهماً، مع أن الكتاب قد عرف منذ قرون واشتهر باسمه

الصحيح، فيأتي محقق مجتهد ومعلق بارع، يجانبه الصواب، ويجانب الأمانة

العلمية والخلق الإسلامي، فيعدو على تراث الأمة وحقوق العلماء، فيعمل في

مؤلفاتهم تشويهاً وتحريفاً.

والأمثلة على ذلك كثيرة تعزُّ على الحصر وهذه إشارة إلى بعضها:

* للعلامة بدر الدين بن عبد الله الشبلي (توفي 769 ه) كتاب أسماه:

«آكام المرجان في أحكام الجان» وهو منذ سبعه قرون معروف بهذا الاسم

بين العلماء وطلبة العلم، وفي فهارس الكتب باسمه كاملاً ومختصراً. ومنذ سنوات

ظهر في سوق الكتب كتاب بعنوان تجاري يستهوي الباحثين عن العجائب والغرائب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير