تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله- يطرح آراءه بقوة وبحماس، ويرد على المخالفين بقوة أيضاً، وقد يقسو عليهم أو يشتد، فيصبح القارئ الذي لا زال في بداية الطلب أسيراً لهذا المصنف فيتقبل آراءه لهذا السبب. وقد يكون ترجيحه لقول من الأقوال اغتراراً ببعض الظواهر، مع الغفلة عن أمور أخرى قد تكون أقوى في الدلالة منها، فهذه سلبية. السلبية الثانية: أن الشاب في مثل هذه المرحلة إذا بدأ هذه البداية؛ قد يصبح لديه ولدى غيره من بني جنسه، نوعاً ممكن أن نسميه -تجوزاً- بالفوضى التشريعية، بمعنى: أن يصبح كثير من الشباب -وإن كانوا في مقتبل العمر وبداية الطريق- لديهم جرأة على الكلام عن الحلال والحرام، والخلاف والقيل والقال في هذه الأمور، وهذا يحدث نوعاً من الفوضى بينهم وفي المجتمع، خاصة لدى العامة الذين تعلموا أن يأخذوا الأحكام من العلماء المعروفين، ولا تتسع عقولهم. لأن المسألة فيها أقوال كثيرة، وفيها راجح ومرجوح وشيء من هذا القبيل، إنما تتسع نفوسهم لأن يقول لهم الشيخ بكل حزم وقوة: حلال أو حرام، افعل أو لا تفعل، فيمتثل وهو طيب الخاطر. ولذلك من مخاطر هذه الطريقة: أنها قد توجد عند الناس نوعاً من الفوضى والتوسع في هذا المجال، وعدم وجود ضوابط يركن إليها. فهذه بعض سلبيات هذه الطريقة، وهذه أيضاً بعض إيجابيتها.

المزاوجة بين الطريقتين

قد يقول قائل: أنت الآن عرضت علينا طريقتين، وكل طريقة قلت لها إيجابيات وسلبيات، فما الجدوى؟ وما هو الحل؟ أما الجدوى، فإنني أقول: إن كل طريقة من الطريقتين، لو سلكها إنسان عارفاً بإيجابيتها وسلبياتها ولديه تأهيل، فيمكن أن تكون طريقة صحيحة، بمعنى: أن الطالب الذي عنده قدر من التمكن، لو بدأ بدراسة الأقوال على ضوء مذهب معين بادئ ذي بدء، ثم انتقل بعد ذلك إلى التمحيص، أو أنه بعد أن صار عنده نوع من التمكن -أيضاً- بدأ بدراسة هذه المسائل بالطريقة المقارنة، كلا الأمرين حسن ولا بأس به، لأنه بالدرجة الأولى تعود السلبيات -غالباً- إلى الشخص وإمكانياته، فكل شخص له ما يناسبه، وكون الإنسان يدرك السلبيات والإيجابيات؛ هذا يعينه على أن يتقي السلبيات ويستفيد من الإيجابيات. أما الحل الذي قد يكون مناسباً ووسطاً: فهو أن يعمل طالب العلم على المزاوجة بين هاتين الطريقتين، بمعنى: أن يحرص الطالب في دراسة المسائل على أن يدرسها -مثلاً- دراسة من الكتب المقارنة، كنيل الأوطار -كما مثلت- أو غيره، على أن يُعنى بكتب الفقه، بحيث يقرأ في كل مسألة ماذا قال الفقهاء فيها، يقرأ في كتاب المغني -مثلاً- أو حاشية ابن قاسم، أو الكافي أو أي كتاب آخر، ويعرف الأقوال ويطلع أيضاً على الكتب الأخرى، لأن هذا يوجد عنده نوعاً من الاعتدال. ......

أصناف الشباب المتفقهين

من الملاحظ في واقع الشباب المتفقهين أنهم على أصناف: الصنف الأول: منهم من يتفقه على مذهب معين، فتجد أنه يزدري ولا يقيم وزناً لمن يتفقهون تفقها مقارناً، أو يحرصون على معرفة القول بدليله أياً كان، لأنه يعتبر أن هؤلاء سيضيعون عمرهم بلا طائل، وأن الطريقة السليمة هي أن تتلقى المذهب عن الشيخ وينتهي الأمر. الصنف الثاني: أن بعض الشباب المتحمسين بالغوا في نبذ كتب المذاهب، واعتمدوا على الكتب الحديثية التي تعرض الأقوال بأدلتها، ولم يقيموا وزناً لكتب المذاهب، فصاروا يعتبرون أن من تفقهه على مذهب معين، أنه ما حصل على علم شرعي، وأنه مجرد مقلد، إلى آخر ما يمكن أن يقال، فهذان طرفان.

الاعتدال مع الطرفين

والتوسط أن يقال: إن عند كل طرف من الطرفين حق وخير، فالمذاهب الفقهية لا شك أن فيها خير كثير، وهي جهود أئمة علماء مجتهدين، أطبقت الأمة على فضلهم واتباعهم والاعتراف بهم، وشأن العامي -أياً كان العامي، ولو كان دكتوراً إذا كان عامياً في العلوم الشرعية- أن يقلد هؤلاء العلماء أحياءً كانوا أو أمواتاً. وكذلك الكتب المقارنة التي تذكر الأقوال بأدلتها، فيها خير كثير من جهة أن الحق -كما هو معروف ومتفق عليه عند جميع أهل الإسلام- ليس محصوراً في مذهب معين، لا الحنبلي ولا الحنفي ولا المالكي ولا الشافعي، بل كل مذهب من هذه المذاهب فيه أقوال راجحة، وأقوال مرجوحة. فالمزاوجة بين هاتين الطريقتين تجعل طالب العلم أقرب إلى الاعتدال والتوازن، والاطلاع على هذه الكتب وتلك والاستفادة مما في النوعين.

ـ[محب شيخ الإسلام]ــــــــ[24 - 02 - 06, 06:48 م]ـ

جزاك الله خيراً.

ـ[أبوسلمان الأشجعي]ــــــــ[21 - 03 - 06, 01:59 م]ـ

كلام في غاية المتانة والشيخ له قدم قوية في الفقه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير