تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سابعاً: إنصاف الشيح – رحمه الله – للمخالف، فلا يُغفل ما احتواه مقاله من حق وصواب، وإن كان الغرض الأساس من تناول ذلك المقال استدراك ما فيه من أخطاء، فعلى سبيل المثال اطلع على بحث يحلل فيه صاحبه المعاملات الربوية المصرفية، ويقول في مطلعه:" يمكن القول إنه لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية، ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك، ولن تكون هناك بنوك بدون فوائد ". فرد سماحته:" يمكن تسليم المقدمة الأولى، لأن المسلمين في كل مكان يجب عليهم أن يعنوا باقتصادهم الإسلامي بالطرق التي شرعها الله سبحانه حتى يتمكنوا من أداء ما أوجب الله عليهم وترك ما حرم الله عليهم، وحتى يتمكنوا بذلك من الإعداد لعدوهم، وأخذ الحذر من مكائده " ثم أخذ يشرح الوسائل الكفيلة بتكوين قوة اقتصادية للمسلمين، ثم قال:" وأما المقدمتان الثانية والثالثة وهما قوله ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك، ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد، فهما مقدمتان باطلتان " ثم شرع بشرح بطلانهما، فبين أن الأدلة الشرعية، وما درج عليه المسلمون من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى أن أنشئت البنوك كل ذلك يدل على بطلان هاتين المقدمتين، حيث استقام اقتصاد المسلمين طيلة القرون الماضية بدون بنوك وبدون فوائد ربوية.

ثامناً: كان رحمه الله تعالى يناقش النص الذي أمامه، ويتجنب الحكم على النيات وما يدور في القلوب مما لا يعلمه إلا علام الغيوب، ويعرض عن حشد الأخطاء الموجودة في ذلك المقال أو البحث لتكون مقدمات ومعطيات لإصدار حكم معين على القائل ناهيك عن عودته إلى كتابات سالفة للمخالف بغرض تصديق حكمه عليه كما يفعل بعض الناس، فمنهجه أخذ كلام القائل على الظاهر، وحمله على أجمل المحامل، والتماس العذر للبعض أحياناً، فمن الأمثلة على ذلك أنه عندما أعلن أحد المشايخ إنكاره لتلبس الجني بالإنسي، واستحالة مخاطبة الجن للإنس، وأبدى استعداده للتراجع عن قوله هذا إن أُثبت له خلافه. رد عليه سماحة الشيخ، وأثبت له بالأدلة النقلية والعقلية تلبس الجن بالإنس وجواز مخاطبة الجني للإنسي، ثم عقب بقوله:" وقد وعد في كلمته أن يرجع إلى الحق متى أرشد إليه، فلعله يرجع إلى الصواب بعد قراءته ما ذكرنا، نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق ". ولما نشرت بعض الصحف مقالات حول إحياء الآثار والاهتمام بها، وتصدى لها سماحة الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله وكتب أحدهم بعده مقالاً في الموضوع نفسه أنشأ ابن باز جواباً رد فيه على صاحب المقال الأخير، وحمله على الظاهر وظن به الظن الحسن، فكان من كلامه بعد ذكره رد ابن حميد على المقالات قوله:" ولكن الأستاذ ... هداه الله وألهمه رشده لم يقتنع بهذا الرد، أو لم يطلع عليه فكتب مقالاً في الموضوع ". وحين كتب أحد الصحفيين العرب مقالاً يدعو فيه إلى الاهتمام بما في المدينة المنورة من آثار وقبور، لا سيما قبور أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وعماته، ثم اقتراحه على إدارة الأوقاف وضع لوحات يكتب فيه أسم صاحب القبر، ويحاط بشبك من حديد. رد عليه سماحته وحمله على الخير، وعذره بعدم علمه، فكان مما قاله بعد أن وضح له الحق:" قد يكون هذا الاقتراح من الكاتب عن حسن نية ومقصد صالح، ولكن الآراء والاستحسانات لا ينبغي للمؤمن الاعتماد عليها حتى يعرضها على الميزان العادل الذي يميز طيبها من خبثها ألا وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولعل الكاتب حين كتب هذه الكلمة من أولها إلى آخرها لم يكن عنده علم بما جاءت به السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول القبور، فلذلك وقعت منه الأخطاء السالفة، ووقع منه هذا الخطأ الأخير وهو اقتراحه على إدارة الأوقاف ما تقدم ذكره .... ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير