وفي مساء يوم الجمعة ذهبنا إلى صوب القلعة الظاهرية التي بجوارها المكتبة الوقفية المشتملة على ثمان مكتبات، من أشهرها المكتبة الأحمدية، ولما اكتشفنا المكان في هذا المكتبة رجعنا لصلاة المغرب فصلينا في الجامع المسمّى بجامع زكريا، صليناها خلف إمام حنفي.
ولما فرغنا من الصلاة تجولنا في داخل الجامع، فوجدنا في داخله قبة يزعمون أن فيها قبر زكريا عليه السلام كما سبق أن ذكرنا أنهم يزعمون أن القبة التي في الجامع الأموي تتضمن قبر يحيى عليه السلام.
ومن الجدير بالذكر: أن علماء السلف أجمعوا على أنه لا يعرف قبر نبي بعينِه إلا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في قاعدة التوسل والوسيلة وكتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
( ... )
وفي يوم الخميس الموافق 17/ 4/1399ه صباحاً زرنا جامعة سوريا في حيّ البرامكة غربي دمشق، ولما وصلنا إلى الجامعة استقبلنا عميد كلية الشريعة عبد الرحمن الصابوني، وقد حضر معنا الاجتماع به الدكتور عجاج الخطيب المدرس في الكلية، والدكتور سعيد رمضان البوطي، والدكتور فوزي فيض الله، والدكتور وهبي الرحيلي، ومصطفى البُغا، فألقى العميد كلمة ترحيبيّة بنا، ثم رافقونا للتجوال ببعض فصول الكلية، فمرّوا بنا على الفصل الأول، فإذا فيه شباب لابسون اللباس الافرنجي وشابات متسترات إلاّ وجوههن وأكفهن، وكان صفّ الشابات بجنب صف الشباب، ولما شاهدنا من هذا الاختلاط بين الرجال والنساء في هذه الكلية التي يسمونها كلية الشريعة استأذنا للانصراف عند الفصل الثاني، فانصرفنا عن التجوال في الفصول الباقية، ولكن في أثناء الخروج من الكلية مررنا بشابات لابسات لبسة أفرنجية مع شباب مثلهن لا تميز بينهن وبينهم في لبسهم الإفرنجية.
وفي طريقنا راجعين زرنا قبر شيخ الإسلام ابن تيمية، وقبر تلميذه ابن كثير، وكانت هذه القبور في ساحة كلية الطب في شرقها، خلف دار التوليد، ويحيط بهذه القبور شباك قصير من حديد، ومما يلفت النظر أن الساحة التي فيها هذه القبور الغريبة في هذه البلدة كانت مهددة بزوالها لتوسعة الشارع، وينبغي إن لم يكن واجبا تدارُك هذه القبور حتى لا تزال باسم الشارع، وذلك بأن تشترى هذه البقعة التي فيها هذه القبور، فإذا حصل شراؤها حصرت بشباك مرتفع حتى لا يمكن الوصول إلى إهانتها فإنها أعني هذه القبور موجودة بين من لا يحترم من فيها من الأئمة الذين خدموا السنة والعقيدة في أيامهم.
وفي هذا اليوم زرنا بيت الشيخ عبد القادر الأرناؤوطي في حي الميدان، وبعد زيارته ذهبنا إلى بيت الأخ نصوح صاحب الباصة التي انقلبت بنا في طريقنا إلى حلب، وقد تأثر من ذلك هو والسواق، أتيناه لعيادته.
ولما انتهت العيادة توجهنا مع عبد القادر الأرناؤوطي والأخ لطفي قاصدين بيت الأخ لطفي بقرب بيت عبد القادر في حي الميدان، وفي هذا الحي يمر الطريق لمن يريد الأردن من دمشق، ولما صلينا الظهر رجعنا إلى الفندق.
( ... )
وفي ليلة السبت الموافق 19/ 4/1399ه زرنا شيخ الحديث بالشام الأخ الألباني، ذاك الشيخ الغريب في بلاد الشام، فسهرنا تلك الليلة في مكتبته العامرة بكتب الحديث في بيته الواقع في حيّ المهاجرون على سفح جبل قاسيون.
وفي صباح هذا اليوم ذهبنا إلى المكتبة الظاهرية والمجمع للتأكد من إنجاز تصوير الكتب التي تم بيننا وبينهم الاتفاق على تصويرها، وهي: تاريخ الرقة للحراني، والأشربة لابن قتيبة.
وقد مررنا على مدير المكتبة في مكتبه فسلمنا عليه وتدارسنا معه ما ينبغي أن تكون عليه المكتبة في وقت المطالعة من وضع الحاجز بين المطالعين من الرجال والمطالعات من النساء اللاتي يرتدن المكتبة وهنّ عاريات، فأخبرنا أنهم ساعون في إيجاد مكان للمكتبة غير مكانها الحالي لكي يتسنّى لهم ما ذكر.
( ... )
وأما انطباعاتنا عن سوريا جغرافيا واجتماعًا ودينيًّا وسياسيًّا واقتصاديا وأخلاقيًّا فهي كالتالي:
( ... )
وأما من الناحية الاجتماعية: فإن السوريين يسودهم الانقباض عن غيرهم، ولا تجد منهم أُنسًا، بل تراهم كأنهم نافرون منك خائفون، وهذا بخلاف تلك المجتمعات التي رأيناهم في تونس والمغرب والهند، فإن هذه المجتمعات يستأنس بهم، بل تلتحم بهم كأنك واحدٌ منهم.
¥