تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[24 - 11 - 06, 02:24 م]ـ

بدعة تحديد الأذكار لأتباعهم

من البين لجميع من عرف الطرائق التي غضت بها الجزائر؛ أنها اشتركت في أمور وامتازت كل واحدة بخواص تجعلها منفصلة عن البقية تستحق بها اسم: طريقة فلان. وقد وضعوا طرائقهم كالشرع الموضوع المتبع، وبنوا هذه الأذكار على أوضاع وهيآت وألحقوا بها أدعية أحدثها من أسس الطريقة.

ومن الشائع الذائع: أن هذه الأذكار يعطيها رؤساء الطرائق أو من يقيمونه ويسمى بأخذ الورد أو رفع السبحة ويعينون أعدادها وصيغها وأوقاتها وما يرتئونه من آدابها. ونحن نعرض عملهم هذا ونقيسه بالهدي النبوي وعمل السلف فذلك الدين، وما لم يعرف في هذه الأيام بعموم أو خصوص فليس من الدين. وما دام ليس من الدين فإنكاره قربة والاعتراف به بدعة.

إن استقراء الشريعة دل على أن ما تعبدنا الله به جاء على ضربين:

ضرب تولى الله تعيينه في نفسه وفي عدده وفي وقته، كالصلوات الخمس في الفرائض وكركعتي الفجر في النوافل وكرمضان في صوم الفرض وعرفة في النفل.

وضرب آخر طلبه منا طلبا وأوكل تعيين عدده ووقته إلى قوة المكلف وما جعل عليه مسيطرا ولا وكيلا وله في نفسه أن يعين ما شاء في أي وقت شاء على ما تعطيه القوة البشرية. والأذكار في غالب أمرها من هذا القبيل وما سد عن هذا غير قليل كسبحان الله والحمد لله والله أكبر دبر كل صلاة تولى الشرع تحديده ().

والأذكار ورد الأمر بها في كتاب الله في غير ما آية قال الله:) وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (()، وقال:) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (()، وقال:) فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (()

الآية، وقال:) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (() الآية. والآيات كثيرة ولا يوجد في العبادات إذا تتبعت الأدلة المبثوثة في الشريعة أكثر من الذكر طلبا وورد الأمر بها ستة. أخرج الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)) ()، وأخرج مسلم عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأن الميزان وسبحان الله والحمد لله تملأن- أو:- تملأ ما بين السموات والأرض)) ()، وأخرج البخاري عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت)) ().

وقد بوب رجال الصحاح للدعوات والأذكار أبوابا وفصولا جمعوا فيها ما ثبت عن رسول الله من الأذكار والدعوات وما دار بها ما لا مطمع لي في تسطيره. وقد اعتنت الأئمة الأثبات عناية فوق هذه وألفوا كتبا صحاحا في عمل اليوم والليلة رووا فيها ما ثبت من الأذكار والأدعية بأسانيدهم. فمن هذه الكتب عمل اليوم والليلة للإمام أبي عبد الرحمن النسائي وكتاب الإمام أبي بكر أحمد بن محمد بن إسحق السني وكتاب الإمام النووي وغيرها مما هو معروف، وقد أتوا على حالات الإنسان وتاراته () اليومية والليلية وساقوا ما فيها من أحاديث وآثار، فمنها ما رغب الشرع في عدد منها طلبا للكثرة ومنها ما طلبه طلبا مطلقا موكولا لقوة الذاكر يزن نفسه ثم يثبت ما يستطيع أن يداوم عليه. وما علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة عمره حدد الأذكار لأحد من أصحابه تحديدا يماثل تحديد الطرقيين على اختلاف أسمائهم. ولا تقل عن أحد من السلف أنه حدد الأذكار لغيره ممن عاصره فضلا عن أن يجعله ذكرا شائعا ذائعا يعرف بذكره طريقة فلان. ومن ادعى غير هذا فليدلنا عليه من طريق صحيح عند أهل العلم.

ونحن نعتقد أن الذكر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتول تحديده ولا توقيته. وكل من تعرض لتحديده أو توقيته أو إدخال أفي زيادة كيفما كان شأنها فيه عما كان في عصره؛ يعد مبتدعا مستدركا على الشريعة.

ونحن نعتقد أن السلف رضي الله عنهم لما لم ينقل عنهم تحديد ولا توقيت وهم أهل الدين صدقا وأصحاب الذكر حقا دل على أنهم فهموا من الشرع عدم التحديد والتوقيت. ولن يستطيع آخر الأمة أن يأتي بهداية لم يأت بها أولها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير