تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذن الأصل موجود في كتاب الله وأنّ المرء إذا جهل شيئا ولم يعلم حكمه فإنه يسأل عنه أهل العلم، وإذا سأل عنه أهل العلم -أهل الكتاب والسنة الذين رسخت قدمهم في ذلك- فإنّ تبعته في ذلك تزول؛ لأنه قد سأل مَنْ أمر الله جلّ وعلا أن يسأل، فمن جهل شيئا وسأل عن حكمه فأفتي من ثبت، فإنّ تبعته قد زالت وقد برىء من التبعة، فإذا امتثل ما أفتى به فيكون قد زال عنه المحذور؛ لأنّه امتثل ما أمر الله جلّ وعلا به في قوله ?فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ? ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn1)).

سؤال أهل العلم وسؤال أهل الذكر له أحوال، الناس يحتاجون إلى أن يسألوا ولابد، ولكن هذا السؤال من حيث هو له أحوال:

§ حالٌ من جهة السائل.

§ وحالٌ من جهة المسؤول.

فالسائل ينبغي له أن يراعي -تأدبا وحتى يصل المسؤول إلى الجواب الموافق للحقّ إن شاء الله- يجب على السائل أنْ يراعي آدابا وأن يراعي أشياء منها:

من تلك الأشياء التي يجب أن يراعيها السائل أن تكون مسألته واضحة غير ملتبسة –يعني أن يتبيّن المسألة قبل أن يسأل- والملاحظ أنّ من المسلمين مَنْ إذا جاء على باله مسألة أو واجهته مشكلة فإنه يأتي أهل العلم ويسألهم مباشرة دون أن يستحضر ويستعد لتفاصيل هذه المسألة، أو مباشرة يرفع الهاتف ويسأل العالم عما عرض له دون أن يستحضر ما اتّصل بهذه المسألة، فإذا استوضح المسؤول أتى العالمَ وسأله عن بعض التفاصيل قال: والله ما أعرف هذا فلان أوصاني، هذا كذا، لا أدري.

فلابدّ للسائل أن يستحضر تفاصيل المسألة قبل أن يسأل؛ لأنّ السؤال تسأل فيه عن حكم الله جلّ وعلا الذي إذا أدركته؛ يعني أدركت الحكم فقد برئت من التبعة، والمسؤول - العالم الذي يسأل - لابد أن تكون المسألة عنده واضحة وإلا فكيف يجيب على شيء ليس بواضح.

ولهذا ينبغي للسائل أوّلا أن يستحضر السؤال جيدا وأن يعدّ له في عبارة ملخصّة، لا تظنّ أنّ المسؤول، المفتي، طالب العلم الذي تأهّل للجواب لا تظنّ أن الذي يتصل عليه واحد فقط أو اثنين، اليوم مع الهاتف صار الذي يتصل من الداخل أو الخارج بأهل العلم عشرات الآلاف في السنة مثلا، وفي اليوم الواحد قد يتصل عشرين أو ثلاثين، فلهذا كان من الأدب الذي ينبغي مراعاته أن يستحضر السائل ضيق وقت المفتي، ضيق وقت المجيب على السؤال، فعليه أنْ يُعدّ السؤال بعبارة واضحة لا لَبْس فيها ولا غموض، ويجتهد في أن يعين المفتي على وقته، وحتى تكون المسألة أنفع؛ يعني لا تظن أن هذا الذي أجابك أو ردّ عليك بالهاتف من أهل العلم أنه لك وحدك، بل اعتقد أنّ الذي يسأل أهل العلم في اليوم عشرات الناس يسألون في كل وقت، فلابدّ من رعاية الحال والتأدبّ معهم في اختصار المسألة، وتقبّل الجواب بحسب ما أورد، فإذا كانت المسألة واضحة كان الجواب واضحا، ولهذا ترى أنّ أسئلة جبريل عليه السلام للنبي r دليل على وضوح المسألة وما ينبني على وضوح المسألة من وضوح الجواب، قال جبريل عليه السلام للنبي r: « أخبرني عن الإسلام» سؤال ملخص وواضح، «أخبرني عن الإيمان»، «أخبرني عن الإحسان؟» وعن أشراط الساعة قال «وما أمارتها» ونحو ذلك، فوضوح السؤال وقلة ألفاظه باستحضار تفاصيله ووضوح السؤال قبل أن تسأل هذا من الآداب التي ينبغي مراعاتها، وكثيرا ما تكون الإجابة غير واضحة؛ لأنّ السائل لم يحسن السؤال، فلو أحسن السائل الاستعداد للسؤال فسأل لكانت الإجابة واضحة.

من الآداب التي ينبغي مراعاتها في السؤال أنْ لا يسأل السائل أهل العلم عن شيء يعرف جوابه: بعض طلبة العلم، أو الذي لديهم إطلاع لديهم معرفة، يكون قد بحث المسألة وعرف ما فيها من الأقوال ونحو ذلك، فيأتي ويسأل، فإذا سأل وأجيب بجواب موافق لأحد الأقوال أتى باعتراضات، يقول: هذا ما دليله؟ هذا الدليل قُدح فيه بكذا، أو وجّه بكذا، قال بعض أهل العلم فيه كذا، ونحو ذلك. ففرق ما بين أن تسأل لتستفيد أو لتعلم وأنت لا تعلم وما بين أن تناظر.

والعالم أو المعلم ليست وظيفته ولم يفتح لك المجال لتناظره، ابتدئ له وقُل: أنا أريد أن أناظرك في المسألة الفلانية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير