تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تعظيم الله تعالى وشعائره]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[05 - 08 - 07, 10:29 ص]ـ

[تعظيم الله تعالى وشعائره]

عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:

فإن تعظيم الله - تعالى - وتعظيم ما يستلزم ذلك من شعائر الله - تعالى - وحدوده من أجلّ العبادات القلبية وأهم أعمال القلوب، التي يتعين تحقيقها والقيام بها، وتربية الناس عليها، وبالذات في هذا الزمان الذي ظهر فيه ما يخالف تعظيم الله - تعالى -: من الاستخفاف والاستهزاء بشعائر الله - تعالى - والتسفيه والازدراء لدين الله - تعالى - وأهله. إنّ الإيمان بالله - تعالى - مبني على التعظيم والإجلال له - عز وجل -[1]، قال الله - تعالى -: [تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ] [مريم: 90].

قال الضحاك بن مزاحم في تفسير هذه الآية: يتشققن من عظمة الله عز وجل] [2].

ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية أهمية تعظيم الله سبحانه وإجلاله فيقول: فمن اعتقد الوحدانية في الألوهية لله - سبحانه وتعالى - والرسالة لعبده ورسوله، ثم لم يُتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام، الذي هو حال في القلب يظهر أثره على الجوارح، بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو بالفعل، كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه، وكان ذلك موجباً لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلاً لما فيه من المنفعة والصلاح. [3]

ومما قاله ابن القيّم عن منزلة التعظيم: هذه المنزلة تابعة للمعرفة، فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الربّ - تعالى - في القلب، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيمّاً وإجلالاً، وقد ذم الله - تعالى - من لم يعظمه حق عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته، قال - تعالى -: [مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً] [نوح: 13]، قال ابن عباس ومجاهد: لا ترجون لله عظمة، وقال سعيد بن جبير: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته، وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت .. [4].

وتعظيم الله وإجلاله لا يتحقق إلا بإثبات الصفات لله - تعالى -، كما يليق به سبحانه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، والذين ينكرون بعض صفاته - تعالى -، ما قدروا الله - عز وجل - حق قدره، وما عرفوه حق معرفته [5]، ولما كان من أسماء الله - تعالى - الحسنى: المجيد و الكبير و العظيم فإن معنى هذه الأسماء: أن الله - عز وجل - هو الموصوف بصفات المجد والكبرياء والعظمة والجلال، الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجلّ وأعلى، وله التعظيم والإجلال، في قلوب أوليائه وأصفيائه، قد ملئت قلوبهم من تعظيمه، وإجلاله، والخضوع له، والتذلل لكبريائه [6].

ويقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي في هذا المقام: إن الإنسان إذا سمع وصفاً وصف به خالق السموات والأرض نفسه، أو وصفه به رسوله، فليملأ صدره من التعظيم، ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فيكون القلب منزهاً معظماً له - جل وعلا -، غير متنجّس بأقذار التشبيه ... [7].

ومما يوجب تعظيم الله - تعالى - وإجلاله: أن نتعّرف على نعم الله - تعالى -، ونتذكرّ آلاء الله - عز وجل - ومما قاله أبو الوفاء ابن عقيل في ذلك: لقد عظم الله سبحانه الحيوان، لا سيما ابن آدم، حيث أباحه الشرك عند الإكراه وخوف الضرر على نفسه، فقال: [إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ] [النحل: 106]: من قدّم حرمة نفسك على حرمته، حتى أباحك أن تتوقى وتحامى عن نفسك بذكره، بما لا ينبغي له سبحانه، لحقيق أن تعظم شعائره، وتوقر أوامره وزواجره، وعصم عرضك بإيجاب الحدّ بقذفك، وعَصَم مالك بقطع مسلم في سرقته، وأسقط شطر الصلاة لأجل مشقتك، وأباحك الميتة سدّاً لرمقك، وحفظاً لصحتك، وزجرك عن مضارك بحد عاجل، ووعيد آجل، وخَرقَ العوائد لأجلك، وأنزل الكتب إليك، أيحسن بك مع هذا الإكرام أن تُرى على ما نهاك منهمكاً، وعما أمرك متنكبّاً، وعن داعيه معرضاً، ولسنته هاجراً، ولداعي عدوك فيه مطيعاً؟.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير