كلام رائع ومهم جدا لابن القيم (أول المكر والكيد من الشيطان هو .... ) (وواقعنا يشهد بكثير مما قاله) (شارك وأفدنا بتسميات سُمْيَت بغير اسمها ... )
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[21 - 10 - 10, 09:18 ص]ـ
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان:
أن آدم وحواء عليهما السلام لم يطمعا في ذلك أصلا وإنما كذبهما عدو الله وغرهما بأن سمى تلك الشجرة شجرة الخلد فهذا أول المكر والكيد ومنه ورث أتباعه تسمية الأمور المحرمة بالأسماء التي تحب النفوس مسمياتها فسموا الخمر: أم الأفراح وسموا أخاها بلقيمة الراحة وسموا الربا بالمعاملة وسمو المكوس بالحقوق السلطانية وسموا أقبح الظلم وأفحشه شرع الديوان وسموا أبلغ الكفر وهو جحد صفات الرب تنزيها وسموا مجالس الفسوق مجالس الطيبة فلما سماها شجرة الخلد قال: مانها كما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تأكلا منها فتخلدا في الجنة ولا تموتا فتكونان مثل الملائكة الذين لا يموتون ولم يكن آدم عليه السلام قد علم أنه يموت بعد واشتهى الخلود في الجنة وحصلت الشبهة من قول العدو وإقسامه بالله جهد أيمانه أنه ناصح لهما فاجتمعت الشبهة والشهوة وساعد القدر فأخذتهما سنة الغفلة واستيقظ لهما العدو كما قيل:
واستيقظوا وأراد الله غفلتهم ... لينفذ القدر المحتوم في الأزل إلا أن هذا الجواب يعترض عليه قوله او تكونا من الخالدين
فيقال: الماكر المخادع لا بد أن يكون فيما يمكر به ويكيد من التناقض والباطل ما يدل على مكره وكيده ولا حاجة بنا إلى تصحيح كلام عدو الله واعتذار عنه وإنما يعتذر عن الأب في كون ذلك راج عليه وولج سمعه فهو لم يجزم لهما بأنهما إن أكلا منها صارا ملكين وإنما ردد الأمر بين أمرين: أحدهما ممتنع والآخر: ممكن وهذا من أبلغ أنواع الكيد والمكر ولهذا لما أطمعه في الأمر الممكن جزم له به ولم يردده فقال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى [] فلم يدخل أداة الشك ههنا كما أدخلها في قوله: إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين [الأعراف: 20] فتأمله ثم قال: وقاسمهما إني لكما من الناصحين [الأعراف: 21]
فتضمن هذا الخبر أنواعا من التأكيد:
أحدها: تأكيده بالقسم
الثاني: تأكيده بإن
الثالث: تقديم المعمول على العامل إيذانا بالاختصاص أي نصيحتي مختصة بكما وفائدتها إليكما لا إلي
الرابع: إتيانه باسم الفاعل على الثبوت واللزوم دون الفعل الدال على التجدد: أي النصح صفتي وسجيتي ليس أمرا عارضا لي. انتهى
قلت (أبو البراء) وما أكثر ما غيروا الأسماء في زماننا تزيينا لها حتى يستحلها الناس والله المستعان.
ولعلنا نتصدى هنا (لأمور محرمة) سميت بغير اسمها تزيينا للنفوس (أرجوا من الإخوة المشاركة لتفيد ونستفيد) بسم الله أبدأ:
الخمر سموها: مشروبات روحية!!
أخذ الربا من البنوك سموها: فوائد!! إيهاما وتظليلا
ومن ذلك تسمية الأشخاص بأسماء وألقاب توهم الناس بإنهم مصلحون بينما هم فساق مفسدين متجرأين على المعاصي جهارا نهار كقولهم لفنان فاسق (سفير النوايا الحسنة)!!! أي حسنة وأي نوايا!
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[21 - 10 - 10, 09:06 م]ـ
ومن تلك التسميات المضللة أيضا:
تسمية التفسخ والعري (مواكبة للعصر) وتطور!!
ومن ذلك تسمية الذي يتساهل في بعض المسائل التي تفتح المجال للمعاصي وأهلها بلقب (متفتح) وما هو إلا متساهل مخذول (بمخالفة الأدلة الصريحة) شعر أولم يشعر ..
وعلى النقيض من تزيين المعاصي بتغير مسماياتها هو إلقاء الألقاب المنفرة على الحق واصحابه كقولهم لمن تمسك بالسنة (متشدد) والله المستعان أو رجعي تنفيرا للناس من هذه السنة قصدوا أو لم يقصدوا.
ـ[أبو الفتح الإسكندري]ــــــــ[21 - 10 - 10, 09:27 م]ـ
بارك الله فيكم،موضوع لطالما فكرت فيه.
مما أذكر الآن - على عجالة - تسمية بينها لنا النبي صلى الله عليه و سلم حين قال: " ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها" و الحديث صححه الشيخ الألباني.
فتراهم يسمونها -كما أسلفتم - المشربات الروحية، بل وصل الأمر بين فساق مصر أن كنوها بـ "الماء"! هذا غير تسميات كثيرة، كالبوظة و البيرة، و تسميات ما هي إلا علامات تجارية و ما مؤداها و معناها إلا خمر و العياذ بالله.
كذلك المعازف، فبعد أن سموها "غناء " إطلاقاً؛ملبسين و مساوين بين الحداء و المعازف، تراهم الآن يقولون " غذاء الروح " و " صوت الملائكة " و ما إلى ذلك مما يثير العجب!
هذا ما حضرني الآن .. و لي -إن شاء الله - عودة مع موضوعكم القيم
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[21 - 10 - 10, 11:07 م]ـ
جزاك الله خير أخي أبو الفتح ونفع بك ...
عجيب أن يسمى الخمر ماء! عند أولئك وهل بعد هذا التضليل تضليل والله المستعان.
ولا أعجب من أن سمى الشيطان تلك الشجرة التي نهي عنها أبوانا بشجرة الخلد، تزيينا لها، فلله در ابن القيم على هذا الاستنباط.
¥