[المزهرون .. جلسة سمر مع الشيخ الهدلق]
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[22 - 10 - 10, 04:48 ص]ـ
(1)
ليلة الجمعة الزهراء ليلة من ليالي الله تعالى، جمعتني بنخبة طيبة طاهرة من الأكارم، أفاضل أقوامهم، و أنفَس أهاليهم: أبي مالك العوضي، عبد الله الهدلق، عيسى الحنيني، كان التنسيق من أستاذنا أبي مالك، و هو رابطة العقد و واسطته، بدأ الأمر باتصال به قبل أسبوع و شيء، و رغبنا في اللقاء، فاقترح أن يكون ذلك بصحبة الشيخ عبد الله الهدلق، و هنا تكمن موافقات القدر، حيث رأيت الحوار المُجرى معه في قناة دليل، و في الصبيحة التالية للقاء كنت في مكتبة التدمرية، فلقيته، و في نهاية الأسبوع يعرض أبو مالك الاجتماع به.
تم الاتفاق على أن يكون بعد صلاة العشاء، التقيت بأبي مالك، رأينا بعضنا، سؤال واحد في ظرافة و طرافة: مُش متهيأني كِدَة. صَح؟. و جوابنا واحد: لا. متهيأكِ كده. انطلق بعد الاتصال بالشيخ إلى مكان اللقاء، على تُربة نجدية، كانت مراسم السلام و التحية، و كانت الضيافة، قهوة عربية، متفردة، لينقل أبو مالك هذه عن أهل نجد، و البقية مما اتفقت عليها الأمم إجماعا.
رأيت أبا مالك الذي صحبته هنا طويلا، و لم ألتقه وجها لوجه، و إن التقت أصواتنا قليلا، يتميز ببشاشة و لطافة، و سماحة مصرية المنشأ أصيلة النسب، و أدب جمٍّ، و خلقٍ رفيع، و سمت و هدوء، و تتبع و حرص على الفائدة. كما عهدته، و فوق ذلك.
و الشيخ عبد الله كما هو من حيث قلة الكلام، و يبدو لي أن هذا عائد إلى ما يجول في فكره من تأمل فيما وقف عليه من أمور في الحياة، قراءةً و تجربة، فصمته صمتُ التفكير لا صمت الطبع، و هذه ميزة فيه، فهو كان له حديث طويل ممتع، ما بين خبر عن كتاب، و فائدة شاردة، و لطيفة عابرة، و حكمة سائرة، و قصة طائرة، و حكاية محكمة، و لفتة مُنظمة، و رؤية عميقة، و فلسفة جميلة، على ما لدى أبي مالك كذلك فيه. و ليس في أخينا عيسى ما يقلُّ، بل فيه الكثير، من الأدب العالي، و الإكرام الحاتمي، و الجود الخُلُقي.
أعادت لي هذه الجَمعةُ ذكريات قديمات، فأنا من البُعد عن مثلها بوقت طويل، و المكان كان مُختارا بعناية، فهو ناءٍ، و هادئٌ، و قليل الوُرَّاد، و الجو العليل يسوده، و برد الهواء يغمره.
أدركت الكثير من شخصيات هؤلاء المُزهرون لليلة الزهراء، فقد كان أبو مالك رجلا سؤولا، لحوحاً في السؤال، يطلب الفائدة برضاها، فإن أبت أتاها بالقوة، فربما غلبها، و غالباً ما تكون غالبة، حيث كرر أسئلة كثيرة على الشيخ عبد الله، و لكنه لا يظفر بجواب، لسبب أن الشيخ يكره الحديث عن نفسه، و تتبع أحوال النفوس من محامد الأحوال، و لكن الاحتياط أحمد، فكانا خليلا الحمدين، فنعم المحمودين.
تكلم الشيخ عن كتاب يقرأ فيه حاليا، و هو عن إنشتاين، و سيرته و أحواله، و ذكر تميز الكتاب بأنه رجع فيه مؤلفه إلى عدة أشخاص قريبين في أحوال إنشتاين، درسوا حياته عن قرب. لا أذكر اسم المؤلف و أحيل إلى أبي مالك فقد قيَّده. و هنا أجد أبا مالك حقيقا بالإشادة، فهو خليل الكراسة الصغيرة يقيد فيها شوارد الفوائد في المجالس.
سأل أخونا عيسى عن كتاب " قصة الحضارة" فأثنى عليه الشيخ، و وصى بقراءته، و ذكر تميز الكتاب بالأسلوب الأدبي، و عابَه بعدم إنصافه العرب، و بطول النفَسِ فيه. ذكرتُ مختصرَي الكتاب، فذكر الشيخ " مختصر قصة الحضارة" لـ: سهيل ديب.، و ذكرتُ " إيجاز البيان" لـ: عبد الرؤوف الأصفر. وهذا ألأخير على غرار " ألف ليلة و ليلة ". و جرى الكلام عن مؤلفات ول ديورانت، و سألتُ عن " مباهج الفلسفة" و الذي لم يُوجد، و يقال بأنه في المكتبات العامة، كمكتبة جامعة الملك سعود.
من أول ما تكلمنا عنه الخوف من نشر الكتب في الأنترنت، و أنا من هذا النوع، فلا أنشر كتابا لم يُطبع، و الشيخان: أبو مالك و عبد الله، يقولان بأن نشر الكتاب الذي صفحاته متوسطة (150_200) حينما يُنشر في الأنترنت بصيغة PDF سيكتسب شهرة. و اختلفا في نشر الكتب الكبيرة كالموسوعات، فالشيخ عبد الله يقول بأن النشر لها في الأنتر نت يقتلها، و أبو مالك يقول لا. و هنا نحتاج إلى تحرير لرأيهما. أمتع الله حياتهما بالإسعاد. فكان حوارهما شيقاً أنا و أخي عيسى غُصنا في النظر إليهما و تطاير الأحرف بأدب نفوسهما في جو المحبة و الإخاء.
ربما يتبع حسب النشاط ....
¥