تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[آفة الكبر]

ـ[أبو مارية الشامي]ــــــــ[01 - 11 - 10, 09:44 م]ـ

[آفة الكبر]

الكاتب؛ أبو حفص سفيان الجزائري

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له

وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله.

أمّا بعد: إنّ المتأمل لسيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وخاتمهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من خلال كتاب الله تعالى، وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم ليرى أنّ من أهم موانع إنقياد بعض قومهم لهم هو صفة الكبر، قال تعالى:" قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إنّ الله يغفر الذنوب جميعا إنّه هو الغفور الرحيم، وأنيبوا إلى ربّكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثمّ لا تنصرون واتّبعوا أحسن ما أُنزل إليكم من ربّكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرّطت في جنب الله وإن كنت لمن السّاخرين، أو تقول لو أنّ الله هداني لكنت من المتّقين أو تقول حين ترى العذاب لو أنّ لنا كرّة فأكون من المحسنين، بلى قد جاءتك ءايتي فكذّبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة أليس في جهنّم مثوى للمتكبرين "

" أي أليس جهنّم كافية لهم سجنا وموئِلا لهم فيها الخزي والهوان بسبب تكبّرهم وتجبّرهم وإبائهم عن الإنقياد للحق ".

وجاء في معنى الكبر قوله صلى الله عليه وسلم:" الكبر بكر الحق وغمص النّاس" رواه مسلم.

فبطر الحق: ردّ الحق وجحده، وغمص النّاس: إحتقارهم.

- أمّا عن غمص النّاس: وهو أن يجد الإنسان في نفسه جرّاء إعجابه بها أنّه أكبر من غيره، إذ الحامل عليه هو إعتقاد الإنسان كمال تميُّزه على الغير بعلم أو عمل أو نسب، أو مال، أو جمال، أو جاه، أو قوّة، أو كثرة أتباع.

نعم قد يتكبر الإنسان لإغتراره بماله وجاهه، وممّا يخفى على الكثير أنّ البعض تكبّر بعلمه، والكبر بالعلم هو من أعظم الآفات وأغلب الأدواء، وأبعدها عن قبول العلاج إلاّ بشدّة شديدة وجهد جهيد.

وسبب الكبر بالعلم: إمّا لإشتغاله بعلم ليس بعلم حقيقيّا، " وإنما العلم الحقيقيّ ما يعرف به العبد ربّه ونفسه وهذا يورّث الخشية والتواضع دون الكبر، قال تعالى:" إنّما يخشى الله من عباده العلماء ".

وإمّا أن يخوض في العلم وهو خبيث الباطن رديء النفس سيء الأخلاق، فإنّه لم يشتغل أوّلا بتهذيب نفسه وتزكية قلبه - فبقي خبيث الجوهر، فإذا خاض في العلم أيّ علم كان - صادف العلم من قلبه منزلا خبيثا فلم يطب ثمره، ولم يظهر في الخير أثره، وقد ضرب وهب لهذا مثلا فقال: العلم كالغيث ينزل من السماء حلوا صافيا فتشربه الأشجار بعروقها فتحوّله على قدر طعومها فيزداد المرّ مرارة، والحلو حلاوة، وكذلك العلم تحفظه الرجال فتحوّله على قدر هممها وأهوائها فيزيد المتكبّر تكبرا والمتواضع تواضعا وهذا لأنّ من كانت همّته الكبر وهو جاهل، فإذا حفظ العلم وجد ما يتكبّر به، فإزداد كبرا، وإذا كان الرجل خائفا مع جهله فإزداد علما على أنّ الحجّة قد تأكدت عليه فزداد خوفا وإشفاقا وذلاّ وتواضعا، فالعلم من أعظم ما يتكبر به ولذلك قال تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم:

" واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين وقال:" لو كنت فظا غليظ القلب لانفضّوا من حولك " ووصف أولياءه فقال:" أذلّة علة المؤمنين أعزّة على الكافرين " "

وفي قوله تعالى:" أذلّة على المؤمنين " هو ذل رحمة وعطف وشفقة وإخبات، ولهذا عُدّيت بأداة " على " فإنّه لم يرد به ذلّ هوان الذي صاحبه ذليل، وإنّما هو ذلّ اللّين والإنقياد الذي صاحبه ذلول، فالمؤمن ذلول، وقوله " أعزة على الكافرين " هو من عزّة القوّة و المنعة والغلبة "

وهذا عكس من قيل فيهم، كبرا علينا وجبنا عن عدّوكم

لبئست الخلّتان: الكبر و الجبن

وعلى هذا بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ الكبر صفة تحول بين المرء ودخوله الجنّة فقال عليه الصلاة و السلام: لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر " رواه مسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير