تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولد عباس العقاد (1889م ـ 1964م) في إحدى القرى بأقصى جنوب مصر (مدينة أسوان) حيث كان يعمل أبوه [3] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn3) ، ورحل العقَّاد إلى القاهرة وعددٍ من مدنِ شمالِ مصر طلباً للرزق، وضاقت به أسبابَ الرزقِ مراراً، واضطرته أحياناً لبيع كتبه، أو العودةِ لأهله في أقصى الصعيد.

كان عباس العقَّاد صاحب إمكانات شخصية كثيرة، يبرز منها حدِّةُ الطبع، ومضاءُ العزيمة. كان معتزاً بنفسه، يعلم منها القدرة على ما لا يستطيعه كثيرٌ من أقرانه، وكان لا يطيق أن يقفَ أحد على رأسه، أو أن ينتقص أحد من قدره، توَّاقاً للريادة، ولذا كثرت خصوماته، ومشاكساته للرواد في عصره. فصار مضطرباً قلقاً، مرةً ذات اليمين ومرةً ذات الشمال .. مرةً مع هؤلاء ومرة مع أعدائهم!!، والثابت عنده ـ كما يبدو لي بوضوح ـ أنْ يبقى منفرداً في رأيه، أو أن يبقى وحيداً مرتفعاً في مكانه، رائداً لإخوانه، هذا هو مفتاح شخصيته الذي يفسر لنا أعماله ومواقفه!

التقى أميرَ الشعراءِ أحمد شوقي وهو صبي صغير بالكاد تجاوز العشرين من عمره، فنشب الخلاف بينهما على صورةٍ معلقةٍ بالجدار، ومِن يومها راح يطاولُ ويناطحُ أميرَ الشعراء أحمد شوقي!!، فجمَّع حوله فتيان صغيران .. عبد الرحمن شكري (1886م ـ 1958م) وإبراهيم المازني (1890م ـ 1957م) وحملوا بضاعة الغرب في النقد (الرومانسية الثائرة على الكلاسيكية) وجلسوا بها في طريق أحمد شوقي ومَن على دربه، يقولون مدرسة جديدة في النقد (4) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn4)

وأجمع العارفون بالشعر على إمارة أحمد شوقي واجتمعوا حوله وتوجوه بالإمارة على الشعراء، إلا العقّاد، خالف إجماعهم ـ وهو بعد شابٌ صغيرٌ ـ ووقف قريباً من جمعهم يرمي صغيرهم وكبيرهم.

وحضر مصطفى صادق الرافعي وهو يتكلم عن الإعجاز البياني للقرآن الكريم، فتطاول عليه حتى استعداه، ولكن الرافعي عدا على العقاد فتركه (مُسفَّداً) (5) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn5)

ولم يسلم منه زكي مبارك، ولا مصطفى فهمي، ولا طه حسين. ولا ذي شأنٍ برز بجواره وهو حي. ولذات السبب طالت صحبته بالمازني، وأثنى عليه مراراً، ذلك أن المازني كان يسارع إلى انتقاص نفسه قبل أن ينتقصه الآخرون، ولم يكن يطاول العقَّاد ولا يطاعنه بقلمه، بل كان يسير بجواره كالصفر كما يقول هو (6) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn6)

وأنكرت الأمةُ كلُّها ما كتبه طه حسين في كتابه (في الشعر الجاهلي) حين صدر عام 1928م، ووقف العقَّاد بجوار طه حسين ينصره ويؤيده!!. يقول حرٌّ وحرية .. يكتب ما يشاء.!!

ـ ويعلم العقَّاد أننا ننكر على المنجمين إدعائهم علم الغيب، ولا نسمع لهم، ومع ذلك يستحضر قولهم شاهداً على تحديد العام الذي ولد فيه المسيح ـ عليه السلام ـ، علماً بأنه يعترف بأن هذه العلامات المزعومة لم تسجل إلا بعد رفع المسيح ـ عليه السلام ـ بجيلين في أقرب تقدير، وأن هذه العلامات ظهر معها بالفعل (مسيح كذاب آمن به الرباني عقيبة ... وسماه ابن الكوكب) (7) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn7)

وفي ذات الوقت ينكر ما نقله أهل السير من شواهد كونية على ميلاد خير البشرية محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويقول: (قد ولد مع النبي صلى الله عليه وسلم كثيرون، فلو جاز للمحب أن ينسبها للرسول صلى الله عليه وسلم جاز للمكابر أن ينسب تلك العلامات لغيره)

وهذا عوج في التفكير ـ وهو عند العقاد في كل ما قدمه من أفكار ـ وضرب من ضروب (الفزلكة) (8) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn8) في الحديث، تجعل كل منصفٍ يقول أن العقَّاد مائل كل الميل، لا يبغي غير المخالفة، ولا يمتلك غير البيان يحسب أنه يكفي لتقبيح الحسن وتحسين القبيح، أما نزاهة البحث، وأما التحليل العلمي المنطقي فبعيد منه كل البعد.

كان العقَّاد مضطرباً كثير التنقل بين التوجهات الفكرية والسياسية، ففي البداية كان ينكر الإعجاز البياني للقرآن الكريم (8)!!، وهذا هو السبب الرئيسي الذي بسببه نشب الخلاف بينه وبين الرافعي ـ رحمه الله ـ، ثم بعد ذلك انتقل (للدفاع) عن الإسلام ـ زعموا ـ.!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير