تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحيناً سالم التيارات الإسلامية (الإخوان يومها) وحيناً وثب عليهم يريد النيل منهم، وحيناً بيّن الكادحين يدافع عنهم ويتكلم بلسانهم، وحيناً صديقاً للجبابرة المجرمين من أمثال النقراشي (باشا)، وحيناً مع حزب الوفد، وحيناً مع الأحرار المعادي، ثم إلى السعديين المنشق، ...

لا أجد مثالاً للعقَّاد في التاريخ إلا أبا الطيب المتنبي، ثائرٌ يريد المجد سريعاً، وكذا عباس العقَّاد كان ثائراً متمرداً مضطرباً قلقاً لا يكاد يثبت على حال، دافع عن الفردية وتبنى (العبقرية)، وهاجم (الجماعية) الإسلامية ـ في (العبقريات) ـ وهاجم الجماعية المعاصرة له .. الفاشية في (هتلر في الميزان) .. والشيوعية في كتابه (الشيوعية والإنسانية) و (أفيون الشعوب). لأنه كان يظن في نفسه تلك العبقرية، وفي ثنايا الكلام وهو يصف العباقرة يشير بأوصاف يعلمه الجميع فيه.

كثرت خصوماته حتى توفى ـ غفر الله لنا وله ـ وليس حوله أحد ولا في جيبه ما يكفي لشراء علاجه، لوا أن من الله عليه ببعض المحسنين.

ولم يكن العقاد يحترم خصومه فقد كان يسمع منه في حقهم بعض الأوصاف الرديئة مثل (حمار) (قرد) (عبيط) وما هو أشد من ذلك على رواية تلميذه أنيس منصور في كتابه (في صالون العقَّاد).

بماذا ارتفع العقاد؟

في حس كثيرٍ من مثقفي اليوم يجلس العقاد عالياً، وحين تسأل عن السبب لا تجد، اللهم أن يسمي لك أحدهم (العبقريات) ويرشدك إلى قراءتها مشدداً على أن تقرأ متأنياً. ولا تعجل!!

وكثيرون كالعقاد، تربعوا عالياً واستكانوا في حسِّ عامة المثقفين، وما درى أحدٌ ما السبب؟!!

ومَردُّ كِبرِ العقاد وأمثاله في حِسِّ كثير من الناس إلى آلة الإعلام الضخمة التي تنتشر في كل مكان وتخاطب الكل بكل الوسائل المتاحة، وبكل المستويات، تُحسِّن من تشاء ممن يوافق هواها!!

فعلى سبيل المثال نجد أن هذه الآلة الإعلامية الضخمة قدمت عباسَ العقَّاد ضمن مجموعة (الرواد) أو (جيل العمالقة والقمم الشوامخ)؛ والتسميةُ ترسمُ صورةً قويةً (الرواد) وبهيةً (عمالقة .. شوامخ)، هذا المنظر القوي الضخم البهيُّ (يخض) القارئ البسيط ويجعله يقرأ مستسلماً.!

وقد خلعوا على آحادهم ألقاباً خاصةً باهيةً مبهرةً، فطه حسين (عميد الأدب العربي) [10] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn10) و عباس العقاد (عملاق الأدب العربي) ولطفي السيد (أستاذ الجيل) و طلعت حرب (اقتصادي مصر الأول)، وهكذا ..

وهؤلاء (العمالقة) (الرواد) لم يقدموا للأمة سوى (عصارات من الفكر الغربي انتزعت من هنا أو هناك، وخلاصات ومترجمات لمضامين ذلك الفكر الذي سيطر على الغرب تحت اسم الفلسفة المادية ومدرسة العلوم الاجتماعية والتحليل النفسي، وهو خلاصة ما كتب داروين ودوركايم وفرويد وسارتر وماركس وانجلز ومترجمات للقصص الجنسي والإباحي من الأدب الفرنسي) كما يقول الأستاذ أنور الجندي [11] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn11) . وغاب عن الساحة (الرسمية) أو انحسر كثير من الأعلام من أمثال محمد محمد حسين، وسيد قطب، ومحمد قطب، وعبد العزيز جاويش، وعبد الله دراز، ومصطفى صادق الرافعي وشكيب أرسلان. ولا زالوا إلى يومهم هذا ينفخون في العقاد وأمثاله؛ تُعقد الندوات ويتم تغطيتها إعلامياً للتعريف بالعقاد بدعوى الاحتفال بذكر وفاته أو بذكرى ميلاده، وكتبه لا زالت تطبع وتوزع.

ومَردُّ كِبر العقاد في حِسِّ كثيرٍ من الناس وشهرته الواسعة إلى أنه كان مشاكساً شرساً دائماً في الاتجاه المعاكس، ثائراً على السائرين حوله، شديدَ الجلبة والصياح كما مرَّ بنا!

ومَردُّ كِبر العقاد في حِسِّ كثيرٍ من الناس إلى أن العقاد بدى لعامة القراء كأنه من المدافعين عن الإسلام، أو الصامدين في وجه المعتدين على حرمات الدين، من المستشرقين!!

وهذا الكلام من الكذب والخداع، من ناحيتين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير