تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهي حالة من الكبر والاستعلاء، حالة تختار دائماً الموقف المخالف والهجوم على الأقران. حالةٌ يُعظم المرء فيها رأيه فلا يتراجع عنه، ويستحسن عقله فلا يغير قناعاته، ويزدري كل الألقاب فيرى أنه فوقها، ويأبى أن يرافق أياً منها اسمه مهما على شأنه، فأسمه مجرداً .. أعلى من كل الألقاب، اللهم أن يقال الأستاذ بالألف واللام (أل العهدية) وكأنه هو الأستاذ وحده!! [20] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn20) .

ومَردُّ كِبر العقاد وغيره في حِسِّ كثير من الناس إلى غياب الميزان الشرعي الصحيح عند كثيرٍ من أبناء الأمة، وقد بدأ هذا الأمر يتراجع ولله الحمد.فالذين يتحدثون عن العقاد لا يحسِّنُون ولا يقبحون بميزان الشرع، وإنما بشيءٍ آخر، فترى كثيراً ممن يتكلم لا يعبأ بالرجل وهو لا يصلي، ولا يعبأ به وهو في الأحزاب السياسية التي تقوم على مبادئ كفرية، ولا يعبأ بالرجل وهو ينصر الحكومات القمعية ويتطاول على الممثلين للإسلام في زمانه [21] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn21)، ولا يعبأ بالرجل وهو يتناول سيرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ بغير ما هي عليه .. يقدم قراءة أخرى للسيرة النبوية، ولا يعبأ بالرجل وهو ينكر الوحي النازل من السماء على أنبياء الله، ولا يعبأ بالرجل وهو يعظم المنحرفين من أبناء الأمة من أمثال الحلاج وبن عربي ويرى أنهم عباقرة في الإيمان!!.

ووجد العقاد مكاناً عالياً بين المثقفين ذلك أنه اتخذ مكاناً وسطاً بين عملاء الفكر المفضوحين من أمثال طه حسين ولطفي السيد وقاسم أمين وعلي عبد الرزاق، وبين أهل الحق المستمسكين بالكتاب والسنة من أمثال محمود شاكر ومحمد شاكر وسيد قطب، ومحمد محمد حسين، ومصطفى صادق الرافعي، وخفي أمره على الناس إذ يقيسون الأمر بما ينال الشخص من أمر الدنيا، وما كانت عند العقاد دنيا، فقد عاش فقيراً ومات فقيراً، وفقره كما قدمنا بسبب كثرة خصوماته التي عزلته عن الناس بعد أن كبر سنه.

عِمالة العقَّاد أو قل: تأثر العقاد بالفكر الغربي أمر لا ينكره محبوه، بل يفاخرون بتأثره بالمذهب العقلاني للمدارس الإنجليزية، ولا ينفك الحديث عن أن مدرسة الديوان فكرة مستوردة، وأيضاً ليست بجديدة فقد سبق إليها خليل مطران، وتبعها قوم لا يخفون محبتهم للغرب حتى أنهم اختاروا لأنفسهم اسم أحد آلهة اليونان (أبوللو).!!

يختلف عباس العقَّاد عن باقي مَن تأثروا بالغرب وعملوا لصالحه في الناحية الفكرية أو السياسية (الحركية) في الشكل وليس في الجوهر، فحين نجد مثلاً طه حسين قد تنصر ودخل في اتفاق صريح مع الغرب [22] ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn22)­­­ ونجد قاسم أمين كان يزور الأمراء (الأميرة نظلي تحديداً) ويحظى بشيء من التقدير والاحترام نجد عباس العقاد قد نقل هو والفتيان اللذان شاركاه في عمله عن الغرب دون أن يدخلا في اتفاق ضمني، ونجد العقَّاد قد تبنى عدداً من أفكارهم كالعبقرية والعقلانية، بل نجده قد انحشر بينهم كأحدهم يستعرض آرائهم ويقبل منها ويرى الكل على صواب كما في كتابه (الله)!

لا يعنيني كثيراً أن كان عميلاً يقبض الثمن شهرةً أو كان عنيداً يبحث عن ذاته واستورد (الآخر) ليستعين به على إخوانه. أو كان ذا هوى في الدين فأحب ما عند الكافرين، ونقله نقل محب لا نقل عميل. المحصلة واحدة.ولو أنه حي بين أظهرنا دققنا النظر لنعرف حاله نبصر به من يريد التعامل معه ليبرأ لدينه وعرضه وماله!!

إضاءات على الترجمة:

ـ كل رؤوس الضلالة يُعرفون برجاحة العقل ومضاء العزم، بل والبذل للغالي وصولاً لأهدافهم، فالعقل والكرم والشجاعة متطلبات ضرورية للسيادة، والجبان البخيل لا يُسَوَّد؛ قد تأتيه السيادة إرثاً من أمه وأبيه أو صاحبته وبنيه، أما أن يضطلع بأسباب التمكين (الفكري أو الحركي) فلا. ومن يقرأ سيرة أصحاب (الفِرق) يجد جلَّهم أصحابَ صفاتٍ خُلقية حميدةٍ مثل عمرو بن عبيد (ت / 142 هـ)، معبد الجهني (ت / 90 هـ)، محمد بن كِرَام (ت / 250 هـ). غيلان القدري (ت / 105 هـ)، وبشر المريسي (ت 226 هـ) وتراجمهم مشهورة منشورة قريبة لمن يريد الإطلاع عليها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير