تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ تبدأ الخصومات الفكرية (العقدية) من مواقف شخصية في الغالب، أو تخرج مندفعة بأحقاد شخصية، ومما يذكر هنا أنه قيل لعلي ـ رضي الله عنه ـ: من أين يأتي الهوى؟ يعنون الهوى في الدين (الخصومة في الدين)، فأجاب: من الخصومات، وصدق ـ رضي الله عنه ـ. وقد رأينا شوقي يتعالى على العقَّاد فيستعديه، ويأخذ العقَّاد الاتجاه المعاكس لشوقي تماماً، ويستعين عليه بالآخر. فقد استحضر العقاد الكافرين عوناً على المؤمنين. ويشهد لذلك أن مدرسة (الديوان) كانت نقلاً أجنبياً، ولم تقدم سوى جزأين فقط من كتاب الديوان، وكان عزمهما على أن يكتبا عشرة أجزاء!

لم يتكلما إلا في (تحطيم الأصنام) شوقي ومَن حوله، ولم يقدما آراءً بنَّائه في النقد، ولم يتطرقا لغير شوقي ومَن حوله، وانفك عزمهما بعد التطاول على شوقي، وهذا يبين بوضوح أنها كانت ثأراً من شوقي أو حقداً عليه!!

وتكرر في كتاب الله بيان أن الخلاف سببه البغي (الظلم) وليس الجهل، قال الله: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} البقرة: من الآية213 {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} آل عمران: من الآية19، نعم الجهل سبب من أسباب الخلاف، ولكنه سبب عارض يزول بعد قليل، كالشك نوع من الكفر لا يستمر إلا إن صاحبه الإعراض!

ـ البحث عن الذات أو الاعتداد بالنفس مَعْلَمٌ أساسي عند المنحرفينفكرياً أو المنشقين حركياً، فغالب الانشقاقات الفكرية والحركية يكون دافعُ دعاتها البحث عن الذات، يوضح هذا قول الله تعالى {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} آل عمران105.

ما نعرفه أننا نختلف ثم نتفرق، ولكن الآية الكريمة قدمت الفرقة على الخلاف لتبين أن النية مبيَّتةٌ للفرقة، وتأتي الاختلافات كمبرر لهذه النية ليس إلا. ولعل من دوافع ثورة العقاد على الشعر وعلى كل ما قرب منه هو البحث عن الذات.هو الرغبة في الرقي إلى حيث لا يرتقي أحد.

ومن المعالم الرئيسية عند المنحرفين فكرياً أن تجدهم يتكلمون في كل ما يعرض عليهم، أو ما يتعرضون له، ولا يرجعون لأهل العلم، وكذا كان العقَّاد متخصص في كل شيء، إن تكلم أهل الآثار والتنقيب في الأرض أمسك قلمه وشارك، وإن احتدم خلاف بين عباد الصليب وأتباع الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمسك العقاد قلمه وبحث عن مكانٍ لا يقف فيه أحد ثم وقف وراح يرمي، وغالباً يكون خصيماً للجميع، وقديماً كان الجهم بن صفوان يعمل كاتبا للحارث بن سُرَيْجٍ (أحد من خرجوا على بني أمية في خرسان 127 هـ). ولا علاقة له بالعلم الشرعي لا طلباً ولا عملاً (سلوكاً) حتى قيل أنه لم يحج البيت قط، وإنما كان ذكيا لَسِنًا مجادلاً ... مجبولاً على الاعتراض والمِراء، هذه كل ثروته، كما عباس العقاد.

اتصل ذات يوم بطائفة من الفلاسفة الهنود، يقال لهم: "السِمْنِيَّة" وراح يجادلهم وهو صفر من العلم معتمداً فقط على عقله، وابتدئوا الكلام معه بالسؤال عن مصدر المعرفة (وهي أكبر قضية فلسفية على الإطلاق، وأصل كل بحث ونظر عندهم، وخاض العقاد بغير علم في كتابه الله، وكانت فلسفتهم تقوم على أن المصدر للمعرفة هو الحواس الخمس. ولما كان الجهم جاهلا سلَّم لهم بأصلهم الفاسد هذا، فسألوه سؤالا آخر مبنيا على هذا الأصل الفاسد، وهو صف لنا ربك يا جهم؟ بأي حاسة أدركتهمن الحواس، أرأيته أم لمسته - أم سمعته … الخ؟!

وسقط في يد هذا الضال المسكينـ كما يقول الدكتور سفر الحوالي في الإرجاء ـ، وطلب منهم مهلة ليفكر في الأمر، ولم يستطع أن يستلهم حجة، ولم يسأل العلماء فيداووه ويلقنوه. وقادته الحيرةإلى الشك في دينه، فترك الصلاة مدة، ثم استغرق في التفكير والتأمل، حتىانقدح في ذهنه جوابا خرج به عليهم قائلا: " هو هذا الهواء مع كل شيء وفيكل شيء ولا يخلو من شيء ". وهذا الجواب الذي هو أساس نفي الصفات، ومن يبحث يجدأن نفي الصفات هو من قول طائفة من فلاسفة الهند (23) ( http://www.benaa.com/edit.asp#_ftn23) تسرب للإسلام عن طريق هذا الضال المسكين الجاهل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير