تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومع ما في مقالكم من حقائق لا يمكن دفعها إلا أن رجائي منكم أن لا تحملوا الأمور فوق ما تحتمل، وأجلي هذا قائلا:إن محاولة إسقاط رجل كالعقاد نهائيا وإنزاله منزلة أعداء الدين ومحاريبه كلطفي السيد وطه حسين وسلامة موسى والقائمة السوداء المعروفة – لهو شطط من القول وتنكب عن طريق الصواب والعدل.

ومثلكم لا يخفى عليه أنه لا يستوي من كانت أعماله الفكرية والأدبية في محاربة كل ما هو إسلامي جملة وتفصيلا ومن كانت أعماله في الدفاع عن الإسلام لكنه أخطأ كثيرا وأصاب قليلا.

وقولكم إن دفاع العقاد عن الإسلام هو مجرد زعم يزعمه محبوه يرده ما خلفه الرجل من أعمال شاهدة على ذلك ككتابه (حقائق الإسلام وأباطيل خصومه)، و (ما يقال عن الإسلام) (المرأة في القرآن) (الإسلام في القرن العشرين) وغير ذلك من كتب الرجل.

لكن لكم ولغيركم أن يأخذ على الرجل أن دفاعه عن الإسلام دفاع عقلي متأثر بالمدرسة العقلانية التي تخضع النصوص لأحكام العقل، ومن ثم فكلام الرجل وأضرابه لا ينبغي أن يكون المثال الذي يحتذيه المسلم الذي يريد يكون منهجه وطريقة تفكيره على وفق منهج سلفنا الصالح.

وأيضا فللرجل كلام – عقلاني- نفيس جدا يحتاج إليه في مواجهة العلمانيين والمستشرقين وأذنابهم ممن يعتمدون على الحجاج العقلي في المناظرة.

وبقطع النظر عن نية الرجل في دفاعه عن الحقائق الإسلامية ألحب الرئاسة أم إرادة الحق أم حب المخالفة أو غير ذلك، فحسابه عند ربه وهو أعلم به ولنا ما في كلامه من حق وما عنده من أدب.

وأكره لكم أستاذنا الفاضل محاولة الدخول في النيات في أناس كان ظاهرهم على الأقل إسلاميا، ومثله تتبع العثرات، فقلّ – أستاذنا الفاضل – أن يسلم لنا أحد في هذا، فالأستاذ سيد قطب – رحمه الله تعالى – الذي عددته من أهلك، وهو أهل لذلك، تعقد عليه الآن بعض الاتجاهات السلفية القحة الولاء والبراء وتتهمه بالخارجية وبسب الأنبياء والصحابة وبالقول بوحدة الوجود إلى غير ذلك من التهم بسبب تتبع زلة هنا وهفوة هناك. فإذا سرنا على هذا الدرب فلن يبقى لنا أحد لا الرافعي ولا رشيد رضا ولا محمد الغزالي ولا غيرهم، فالنهج أن نأخذ الحق الذي عندهم ونبين أخطاءهم ونحذر منها ونكل حسابهم إلى ربهم.

فمن كلامكم الذي يشم منه ما دفعني لهذا القول:

"لا أجد مثالاً للعقَّاد في التاريخ إلا أبا الطيب المتنبي، ثائرٌ يريد المجد سريعاً، وكذا عباس العقَّاد

كان ثائراً متمرداً مضطرباً قلقاً لا يكاد يثبت على حال، دافع عن الفردية وتبنى (العبقرية)، وهاجم (الجماعية) الإسلامية ـ في (العبقريات) ـ وهاجم الجماعية المعاصرة له .. الفاشية في (هتلر في الميزان) .. والشيوعية في كتابه (الشيوعية والإنسانية) و (أفيون الشعوب). لأنه كان يظن في نفسه تلك العبقرية، وفي ثنايا الكلام وهو يصف العباقرة يشير بأوصاف يعلمه الجميع فيه.

عِمالة العقَّاد أو قل: تأثر العقاد بالفكر الغربي أمر لا ينكره محبوه، بل يفاخرون بتأثره بالمذهب العقلاني للمدارس الإنجليزية، ولا ينفك الحديث عن أن مدرسة الديوان فكرة مستوردة، وأيضاً ليست بجديدة فقد سبق إليها خليل مطران، وتبعها قوم لا يخفون محبتهم للغرب حتى أنهم اختاروا لأنفسهم اسم أحد آلهة اليونان (أبوللو).!!

لا يعنيني كثيراً أن كان عميلاً يقبض الثمن شهرةً أو كان عنيداً يبحث عن ذاته واستورد (الآخر) ليستعين به على إخوانه. أو كان ذا هوى في الدين فأحب ما عند الكافرين، ونقله نقل محب لا نقل عميل. المحصلة واحدة.ولو أنه حي بين أظهرنا دققنا النظر لنعرف حاله نبصر به من يريد التعامل معه ليبرأ لدينه وعرضه وماله!!

وسيأتي هذا في فِكرِ العقاد، سنجد ـ إن شاء الله تعالى ـ أن الثابت عند العقاد هو (الفردية) و (العقلانية) .. هو إثبات الذات في وجه من يتعالون عليه أو من سادوا في الناس بعلمهم أو سلطانهم، وقراءة الشريعة جاءت تابعة لذلك، قرأ الشريعة ليدلل على ذلك، أو ليصل إلى ذلك.أو وهو متأثر بتلك المفاهيم الغربية الغريبة عن الشريعة."

وأما كلامكم في أخلاقيات الرجل فمما لا سبيل إلى دفعه سامحنا الله وإياه!

وأما عقلانيته فكما قلتم، لكن من أين لنا القطع بأن العقاد كتب ما كتب عن الإسلام من أجل إثبات ذاته أو من أجل اقتناعه بأن هذا هو الحق؟

هذا ما ظهر لي من الحق في هذا الأمر مع تقديري الكبير لوجهة نظركم وغيرتكم على الثقافة الإسلامية، وتفضلوا بقبول تحياتي لكم.

ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[16 - 02 - 09, 01:43 م]ـ

جزاكم الله خيراً على حسن خلقك في ردك.

أما العقاد فكان حبيباً حين لم نكن نعرف شيئاً عن العقيدة.

وأما النيات فلم أتطرق إليها. ولم ألوي شيئاً من أعناق النصوص، ولا حقائق الواقع الذي عاشه العقاد. ولا سويتُ بينه وبين طه حسين ولطفي السيد، وهذا واضح في مقالي.

وإن شاء الله ـ كما قدمت في مقالي ـ سأنشر تباعاً حلقات عن العقاد، وفيها التالي:

ـ هل كان عباس العقاد نصرانيا؟!

وهي أربع حلقات، انتهيت منها بالفعل. وفيها العقاد يدافع عن بولس (شاول)، وعن كتاب النصارى الذي بأيدهم، ولا يعرف كيف كانت نهاية المسيح ـ عليه السلام ـ. ويثني على عقيدة النصارى بالذي يتكلمون به اليوم أيما ثناء.

وهم يستشهدون به في حلقاتهم، زكريا بطرس مثالا.

ثم بعد ذلك أثني بإنكار العقاد للنبوة.

وإنكار العقاد لحقائق القرآن. وعلى رأسها التوحيد. والقول بأن الأصل هو الشرك. وأن الأنبياء كانوا عدد بسيط جداً، والكلام عن مدن القوافل.

لا تعجل أخي.

أخي الفاضل!

ليس بيني وبين العقاد شيء، ووالله كنت أحبه. ولكن هذا ما رأيت. فأمهلني ولا تحسب أن الجهد في الغريب، ولا أنه طرف فكري، الذي جاء بي للعقاد هو زكريا بطرس، هالني حين رأيته يستشهد به، فرحت أقرأ للعقاد ثانية فوجدت أمراً مهولا أخرجه إن شاء الله للناس ليعلموا الحقيقة.

جزاك الله خيرا، وأهلا وسهلا بك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير