تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للكثير لأن الكثير يعني الأمة أو الناس تختلف طبقاتهم، العالم حين يتكلم إلى الحاضرين يرعى حال الذين أمامه (عدد قليل محدودون محصورون) لكن لو استحضر أنه سينشر على الناس فيطلع عليه فئات من الناس وبعقول مختلفة لكان جوابه يختلف عن الجواب الأول وبهذا ترون أن بعض الأسئلة التي يسأل فيها أهل العلم بالهاتف يكون الجواب مختلفا عما لوسئلوا مثلا في برنامج نور على الدرب فيكون الجواب هناك في تفصيل وفيه دليل وفيه تعليل ونحو ذلك لأنه سينشر على الملأ لكن الجواب لك يكون على حسب الحال يصلح هذا أو لا يصلح يجوز أو لا يجوز السنة كذا (باختصار) لأن الوقت يضيق عن أن يفصل لكل أحد.

هذه من بعض الآداب المتعلقة بالسائل.

لعلنا نضيف من الآداب المتعلقة بالسائل أن لا يسأل السائل عن أشياء لا يفهمها إلا الخاصة ويثير السؤال أمام العامة يعني في مثل هذه المحاضرة يأتي سؤال قد لا يعلم معناه ولا يفهم جوابه إلا فئة قليلة من طلبة العلم فلم تسأل أمام الناس؟ كذلك إذا حضرت في مجلس عند بعض أهل العلم فإن المجلس يحضر فيه العامي والمتوسط المثقف المتعلم طالب العلم فلا تسأل العالم أو طالب العلم عن سؤال إنما هو للخاصة (ليس العامة) وقد قال علي رضي الله عنه: ((حدّثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله)) وقد بوب البخاري في (كتاب العلم) من صحيحه بقوله: ((باب من خص بالعلم قوما دون آخرين كراهية أن يقصر فهمهم عنه فيقعوا في أشد منه)) مثال ذلك أن في مثل هذا الجمع المبارك يأت ويسأل عن بعض المسائل الدقيقة في العقيدة (الناس يطلب منهم المسائل العامة فيما يجب عليهم من العقيدة) لكن لا ينبغي أن تسأل عن المسائل الدقيقة أمام من لا يفهم الجواب فيما لو أجاب المسئول عن السؤال، مثلا الكلام على بعض أحاديث الصفات التي قد لا يفهمها البعض مثلا الكلام على بعض الآراء في مواقف يوم القيامة والاختلاف فيها ونحو ذلك والكلام على بعض دقائق المسائل في الفقه واختلاف أهل العلم فيها هذا يقول كذا وهذا يقول كذا العامة إنما يحتاجون قولا واحدا بدليله يمشون عليه ولكن السؤال الخاص إنما يكون لأجل هذا السائل ولمن هم في طبقته ولهذا ينبغي أن تفرق فرقا مهما بين السؤال والبحث (بين السؤال الذي تحتاج معه إلى جواب وبين بحث المسألة) فتارة يكون السائل يريد بحث المسألة في المقام ويعرضها بصيغة سؤال وهذا غير مناسب ولهذا نقول لا تسل عن أشياء لا يفهمها إلا الخاصة فمن أدب السؤال أن تسأل بما يناسب المقام وألاّ تسأل عن أشياء لا يستوعب الجواب عليها أكثر الحاضرين.

من الآداب أيضا أنك إذا سألت فأجبت أو سمعت علما فإنك تستفصل فيه أو تسترجع فيه حتى تفهمه لأنّ بعض أهل العلم قد يكون جوابه سريعا مثلا تسأل أنت وقد أتيت بأدب السؤال وأتيت بكلمات واضحة وتأنيت فيه فأوضحت على العالم فيكون الجواب سريعا، فهنا ينبغي لك أن لا تأخذ ما علق بذهنك في هذه الحال بل إذا كان عندك اشتباه فتستفصل منه أو تسترجعه في الجواب حتى تفهمه قد روى البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكة أنه قال: ((كانت عائشة رضي الله عنها لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه)) وقد بوب عليه البخاري أيضا في (كتاب العلم) من صحيحه.

فالأدب الذي كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم أنهم إذا سمعوا شيئا يستشكل عليهم فإنهم يراجعون حتى يفهموا حتى لا ينقلوا للناس نقلا خاطئا أو حتى لا يعمل بشيئ غير واضح فإذن هذا ينبغي للسائل إذا أجيب ولم يتضح له جواب أن لا يترك السؤال على الجواب الذي هو غير واضح فيذهب يعمل بشيئ غير واضح بل يسترجع ولا بأس أن يقول ما فهمت الجواب وليسأل مرّة ثانية هل كذا أو كذا فيستوضح حتى يكون الجواب واضحا قارا في ذهنه.

من الآداب التي ينبغي على السائل مراعاتها أن يكون لبقا مع أهل العلم متأدبا معهم وأن يكون لأهل العلم هيبة في سيرهم وتوقيرا في قلبه فإنك إذا زدت في احترام العالم وشعر بذلك منك فإنه يزيدك من العلم والجواب بأنك قد تحققت بالزيادة يعني أصبحت متأهلا للزيادة لأنّ دليل تأهّل طالب العلم للتفصيل في الجواب والاستفادة الكاملة من العالم أن يكون متأدبا معه لا يأتي مثلا ويستعمل كلمات غير جيّدة أو كلمات فيها جفاء بل يتأدب ويتحيّن الفرصة الجيّدة للعالم فيسأله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير