تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيها كذا، لمجيء الحديث الصحيح بها، فيرجح من جهة ترجيح النووي، المنبني على صحة الإسناد، وهذا صحيح في كثير من المسائل، وغيرُ صحيح في بعض لهذا نجد أنّه رجح أشياء في مسائل الصواب خلافُها، لم؟

لأنّ صحة الإسناد، أو صحة الحديث، ليست كافية في الفقه، بل الأهم منها، أنْ ننظر في وجه الاستدلال من الحديث على المسألة وجه الاستدلال، يعني الاستنباط، كيف استنبط الحكم من المسألة، استنباط الحكم من الدليل، هذا يُرجع فيه إلى أي علم؟!

إلى أصول الفقه، الحكم بصحة الإسناد يرجع فيه إلى مصطلح الحديث وإلى علم الرجال، في كلا الأمرين المصطلح والرجال، وعلم أصول الفقه، هذه كلّها لها تبعات ولها خلفيات سابقة، فتجد أنّه رجّح صحة الإسناد لمذهبٍ له في الإسناد.

فمثلاً، تجدُ أنّه يرجح صحة الترجمة المعروفة ((عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه))، أو يرجح صحة ((بهز بن حكيم عن أبيه عن جده))، أو ما أشبه ذلك، وغيره قد ينازعه في ذلك، كذلك من جهة رجل، هل هو ثقة أم ليس بثقة، هل هو صدوق أم هو يهم، هل هو مقبولُ الرّواية في هذا الباب أم ليس بمقبول الرواية، هل هو مقبول الرواية عن هذا الشيخ أم ليس بمقبول الرّواية وهذا مما يدخل في علم علل الحديث.

المسألة الثانية: أصول الفقه إذا صح الإسناد، وصح الحديث، فكيف نستنبط الحكم من الدليل لابدّ من استخدام أصول الفقه فيأتي استخدام أصول الفقه في بعض الأحيان موافقا لمذهب المؤلف، فينظر الناظر ويقول هذه المسألة رجحها الحافظ ابن حجر، رجحها الحافظ ابن حجر بناءً على مذهبه في أصول الفقه، فيأتي الناظر، ويقول الدليل كذا وصحّح إسناده الحافظ أو صححه الحافظ في الفتح أو في البلوغ، ورَجَح كذا لكن المسألة لا تقف عند هذا الحد، بل لا بد من النظر في أصول الفقه التي بها استنبط الشارح الحكم في المسألة، ولهذا نقولُ إنّ بعض المسائل، جاء الخَلل فيها من جهة العقيدة، من جهة عدم إحسان تطبيق أصول الفقه، أو من جهة عدم معرفة هدي السلف، أو من جهة أنّ المؤلف لم يكمل الآثار في هذا الباب، وهذا متنوعٌ كثير، فتجد مثلاً الحافظ النووي، عنده أشياء حتى في كتاب رياض الصالحين، في كتاب رياض الصالحين عقد بابًا في كراهة الحلف بالأمانة وبتربة فلان وبقبر فلان، والحديث الذي استند إليه قوله عليه الصلاة والسلام: ((من حلف بغير الله فقد أشرك) واستند أيضا إلى ما صح في السنن عنه عليه الصلاة والسلام أنّه قال: ((من حلف بالأمانة فليس منّا) فيأتي الناظر ويقول النووي قال: يكره، ما دليل النووي؟ أتى بالدليل الذي فيه قوله عليه الصلاة والسلام ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))، ويدخل في عموم قوله من حلف بغير الله الحلف بالقبر أو بالتربة أو بالأمانة، إلى آخر ذلك، فإذًا هناك بونٌ شاسعٌ ما بين قوله مكروه، وما بين قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) وقوله: ((من حلف بالأمانة فليس منا) ومن المتقرر عند المحققين من أهل العلم أنّ قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((ليس منّا من فعل كذا)) أنّه يدلّ على التحريم كما هو مقرر عند الجمهور في تحقيق أصول الفقه، إذًا الترجمة شيء والاستدلال شيءٌ آخر، لو ناقشنا النووي لمَ ذهبتَ إلى الكراهة؟ ما ندري بمَ يجيب؟ لكنْ أظنّ أنّه نزع إلى شيء عنده في أصول الفقه، به فهم قوله: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))، أنّ المقصود به كفر النعمة أو الشرك الأصغر، وهذا يدخل في كراهة التحريم، ولم يطلق كراهة التحريم، وإنّما أطلق الكراهة دون التحريم، المقصود من هذا أنْ تنتبه إلى الفرق ما بين وجه الاستدلال وما بين حكم صاحب الكتاب، وهذه مسألة كبيرة تدخلك في أنواع من البحث في قراءة كتب أهل العلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير