تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يفرح الله تعالى بتوبة عبده مع أنه تعالى هو الموفِّق لهذا التائب أن يتوب، وهو سبحانه لا تضره معاصي الخلق ولو كثرت، وهذا من عظيم رحمة الله تعالى بخلقه، وعظيم فضله، والذي ننصح به إخواننا المستقيمين على الهداية والمتوجهين نحو طريق الخير هو:

1. حمد الله تعالى وشكره بصدق وإخلاص، أن وفقهم لأن يهتدوا لطريق الجنة، وأن يعلموا أنه لولا الله ما اهتدوا ولا صلوا، ويحتاج مع الحمد والشكر إلى دعاء الله تعالى أن يثبته على الدين والحق؛ فإن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا مصرف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك) ونحن أولى بهذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم.

2. التزام طاعة الله تعالى بأداء الواجبات المفروضة، والحرص على زيادة التقرب إلى الله تعالى بعد الفرائض بفعل السنن؛ لتحصيل محبة الله تعالى، ومن أحبَّه الله ثبَّته على الطريق، وزاده هدى وتوفيقاً.

فعَنْ أَبِي هُريرة رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله تَعالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً، فَقَدْ آذنتُهُ بالحربِ، وما تَقَرَّب إليَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إليَّ مِمَّا افترضتُ عَليهِ، ولا يَزالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أَحْبَبْتُهُ، كُنتُ سَمعَهُ الّذي يَسمَعُ بهِ، وبَصَرَهُ الّذي يُبْصِرُ بهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبطُشُ بها، ورِجْلَهُ الّتي يَمشي بِها، ولَئِنْ سأَلنِي لأُعطِيَنَّهُ، ولَئِنْ استَعاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ). رواهُ البخاريُّ (6137).

3. التطلع إلى رضوان الله تعالى، والتشوق للقائه سبحانه، وعدم الانشغال بالدنيا، بمباحاتها وملذاتها، ولتكن همة هذا المستقيم على الطاعة علوية لا سفلية، وليكن هدفه تحصيل السعادة الأبدية في دار لا يهرم فيها ولا يمرض، وهي الجنة.

4. وعليه بطلب العلم، وأول الطلب البداءة بحفظ كتاب الله تعالى، ثم النظر في السنَّة المطهرة، والقراءة في كتب العقيدة السلفية والتوحيد والفقه، ومن شأن معرفة المسلم لدينه أن يزداد تمسكاً به، ومن أعظم أسباب الانتكاس والسقوط في الطريق، الجهل بالدين وعدم معرفته.

5. وعليه أن يحرص على الصحبة الصالحة، وترك الصحبة الفاسدة، وخاصة من كان معه في طريق الغواية من قبل؛ لئلا يكون هؤلاء سبباً في رجوعه طريقه القديم، وقد شبَّه النبي صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بحامل المسك، فهو إما أن يعطيك منه، وإما أن تشم منه رائحة طيبة، وشبَّه جليس السوء بنافخ الكير، فهو إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تشم منه رائحة خبيثة، وهكذا هو الصاحب الصالح، والصاحب السيئ، فالأول إما أن يدلك على الخير، ويرشدك إلى الصواب، وإلا فإنك سترى منه الخير في سمته وهديه وخلُقه، وأما الصاحب السيئ فهو إما أن يدلك على المعصية فتفعلها، أو أنه يباشرها بنفسه فلا ترى منه إلا شرّاً وتشجيعاً على فعل الفواحش، فيجب الحرص على الصحبة الصالحة، كما يجب هجر الصحبة الفاسدة.

6. الحذر من المعاصي الصغائر منها والكبائر، فإن معظم النار من مستصغر الشرر، والمعصية تأتي بأختها، والقلب إذا أظلم واسودَّ بسبب المعاصي: لم يعد قلباً حيّاً يعرف المعروف، وينكر المنكر، فالحذر الحذر من المعاصي.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلا: كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ (أي: طعامهم)، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا (أي: شيئاً كثيراً)، فَأَجَّجُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا).

رواه أحمد (37/ 467) وحسَّنه شعيب الأرناؤوط، وصححه الألباني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير