تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الصحفيون حين يروون الشعر]

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[20 - 04 - 2010, 11:05 م]ـ

الكاتب الصحفي هو في أساسه أديب أو شاعر، وأقول في أساسه لأنه ما ولج إلى هذه المهنة إلا من باب عشقه للشعر وللأدب عموما في نشأته المبكرة. ثم حين امتلك أدواته الفنية في الصحافة، لم يعد يتقن شيئا من الشعر لا نظما ولا حتى رواية. خطر في بالي هذا الرأي وأنا أقرأ مقالا للكاتب فهد عامر الأحمدي في زاويتة شبه اليومية بصحيفة الرباض استشهد فيه بأبيات من الشعر القديم وارتكب في روايته أخطاء حملتني على أن أرد عليها في باب التعليقات الذي يتركه متاحا للقراء في نهاية المقال. ولا بد أن مقالي زاد حجمه عن ثلاثمائة حرف فلم يتم استيعابه للنشربالصحيفة ومع ذلك وصلتني رسالة عبر البريد الإلكتروني تشكرني على التعليق.

ليس وحده هذا الكاتب من يخطئ في الرواية، فقد وجدت غيره من كتاب الأعمدة اليومية يخطئون في رواية الشعر، ومنهم الكاتب جهاد الخازن في مقال له بالحياة في 12/ 4/ 2010 بعنوان (بين الشعر والسياسة) أورد فيه أبياتا للرصافي قال فيها:

أيها الإنكليز لن نتناسى = بغيكم في مساكن الفلوجة

ذاك بغي لن يشفي الله إلا = بالمواضي جريحة وفجيجة

هو كرب تأبى الحمية أنا = بسوى السيف نبتغي تفريجة

هو خطب أبكى العراق والشام وركن البنية المحجوجة

دعك من قوله تفريجة بدلا من تفريجه فهذا خطأ إملائي، ولكن ما باله يكتب فجيجة بدلا من شجيجة، أهو خطأ طباعة، إذن فما باله يخطئ في الوزن بقوله العراق في محل العراقين. هذا مع ما نعرفه من أن هذا الكاتب يوظف جهازا من المساعدين يزودونه بوثائق يستعين بها في توثيق مقالاته، فهل قصر هؤلاء في علمهم أو أخلوا بمسؤولياتهم من الدقة والأمانة في النقل.

وأما الأستاذ الأحمدي فأورد بيتا مشهورا لأبي تمام على النحو التالي:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى = فما الحب إلا للحبيب الأول

والخطأ واضح وقد كرره في البيت التالي:

دع حب أول من كلفت بحبه = فما الحب إلا للحبيب الآخر

والبيت لابن طباطبا العلوي.

ثم قال:

نقل فؤادك حيث شئت فلن ترى = كهوى جديد أو وجه مقبل

وصوابه الذي يستقيم به الوزن والمعنى: أو كوصل مقبل، وهو لديك الجن الحمصي.

وقال أيضا:

الحب للمحبوب ساعة حبه فليس في الحب أول أو آخر

وصواب البيت نظما ومعنى، وهو للشاعر أبي البرق:

الحب للمحبوب ساعة وصله ... ما الحب فيه لآخر ولأول

ثم ختم استشهاداته الشعرية بالبيتين التاليين وكأنهما لشاعرين مختلفين:

الأول:

وأنا مبتلى في الهوى ببليتين

حنين لأول وشوق لآخر

والثاني:

قلبي رهين بالهوى المقبل

فالويل لي من حب لم أعدل

وقارن بين روايته وبين الأصل الذي ورد فيه هذا الشعر وهو كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري:

قلبي رهينٌ بالهوى المقتبلِ ... فالويلُ لي في الحبِّ إن لم أعدِل

أنا مبتلى ببليَّتين من الهوى ... شوقٌ إلى الثاني وذكرُ الأول

وأظن أن أبا هلال أخطأ في الرواية وأن عروض البيت الأول: المتنقل بدلا من المقتبل، ولكن خطأه يهون إزاء أخطاء كاتبنا الصحفي، وقديما قال بعض السلف: ا"لذي يأخذ الحديث من الكتب يسمى صحفيا"، وأما أنا فأزيد بالقول: وكذلك الذي يأخذ الشعر من بعض المنتديات.

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[21 - 04 - 2010, 12:49 ص]ـ

لعله يأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في روايته لبيت طرفة: ويأتيك من لم تزود بالأخبار!!!

ـ[أحمد رامي]ــــــــ[21 - 04 - 2010, 04:22 ص]ـ

والله يا أخي عفت قراءة الصحف كرمى لعيون الصحفيين الذين يصرون على عطب ذائقتنا وسليقتنا

موضوع جميل لو كثرت شواهده

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[03 - 06 - 2010, 08:30 م]ـ

وقرأت في صحيفة الحياة اليوم مقالا آخر للأستاذ الخازن، جعله مخصصا للأدب والشعر ولكن بروح سياسية، وهو على هذا الرابط:

http://daralhayat.com/portalarticlendah/148216

وقد علقت عليه بما يلي:

تعليقي سينصب على قدرات الأستاذ جهاد الخازن اللغوية والشعرية معا. فلا شك عندي في سعة هذه المقدرة، كيف لا وهو ينشد في مقال صحفي يومي سريع عشرة أبيات متفرقة لشعراء يمتدون ما بين الجاهلية والعصر الحديث، ويتنقل ما بين الرواية عن كليلة ودمنة إلى كتب التاريخ الإسلامي والأندلسي مرورا حتى بالأمثال الشعبية في زمن الانكسارات.

غير أن اعتماده على ذاكرته وحدها خانه في مواضع عديدة، فقد قال: وفي العرينة ريح ليس يقربها

والصحيح كما في ديوان جبران: ففي العرينة ريح ليس يقربه

وصحّف وحرّف في عجز بيت المتنبي، بقوله:

أن جربوا جبنوا أو حدثوا

والصحيح: إن قاتلوا ..

وحرف في عجز بيت طرفة بن العبد الشهير فقال:

على النفس من وقع الحسام المهند

والصحيح: على المرء

أما البيت الذي لم يهتد إلى قائله على الرغم من مراجعتة لثلاث نسخ من ديوان أحمد شوقي، وهو له، وصحته:

واحذروا من قسمة النيل فيا

ضيعة الوادي إذا النيل شُطر

..............

وقد انتهى التعليق هنا لأنه زاد عن الحد الأقصى، وهو ثمانمائة كلمة، ولم يبق إلا القول في مقدرته اللغوية حيث قال: " وجبَهني (بمعنى جرحني وهي غير جابهني) " وواضح أنها غير (جابهني) ولكنها لا تعني جرحني. ففي المعجم الوسيط:

جبَهَهُ: صك جبهته، فلا بد إذن أنه افترض حدوث الجرح نتيجة لهذا الاصطكاك، أو أنه أراد أن يضيف معنى جديدا إلى المعجم.

ولي سؤال هنا: فكلنا يسمع بالمجابهات، كما يتردد في لغة الصحافة، ومع ذلك فلم أجد للمجابهة معنى في لسان العرب ولا في المعجم الوسيط. فمن يدلني على أي معجم ذكرها؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير