تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[شرح مبسط ويسير لقصيدة الفردوس الأندلسي المفقود]

ـ[السد الغزير]ــــــــ[01 - 06 - 2010, 10:18 م]ـ

نَسَخَ الدَّهرُ آيةَ الأَعرابِ بينَ هذِي الرُّبَا وَتلكَ الهضابِ

نبَّأَتِني البَرْنَاتُ أَنَّ ذُراهَا أَقفرَتْ مِنْ وَشائِجِ الأنسابِ

وغَدَا مَجْدُ طارقٍ ونُصيرٍ بدَداً بينَ دَارسٍ وخَرابِ

وخَبَتْ شعلةُ الخلائفِ لمَّا وَهنَتْ بينهُمْ عُرَى الأسبابِ

وَانْبرَى الغربُ يأَخذُ الشَّرقَ بالثأرِ يَصبُّ الأذَى بِغيرِ حسابِ

إخواني أخواتي. من لديه التمكن أو القدرة. في شرح مبسط لهذه الأبيات. يتفضل مشكورا. بكتابة الميسور ولا تكتم علمك يارعاك الله. لأني لم أفهمها: d

ـ[أبو الأشاوس]ــــــــ[02 - 06 - 2010, 02:17 ص]ـ

تعرض الأبيات الخمسة الأولى إحساس الشاعر بالغربة الشديدة حين هبط أرض الأندلس، وفي هذه الأبيات يذكر أنه نزل هذه البلاد، فردوسه المفقود، والشوق يدفعه إليها بعد عهد طويل من نزوح العرب عنها، ولكن لم يكد يطأ أرضها حتى انطفأ الشوق، وتحول أسى وألماً ممضاً، لقد ألفى نفسه بين ربوعها غريباً مستوحشاً ضل طريقه إلى ما يؤنسه: من دار يسعد فيها بلقاء، أو أليف مشتاق، أو أحباب ينتظرون مقدمه، أو إخوان يجد في رفقتهم متعة نفسه وسعادتها، ووجد كل شيء قد تبدل، وجد اللغة السائدة هي اللغة الأجنبية، ولم يسمع متحدثاً باللغة العربية، أو شاعراً يرسل بها ألحانه شجية مطربة، ولم ير حلقات النخيل تلقاه كما كانت تلقى القادم على الأندلس أيام الدولة العربية فيها، ولم تطالعه المآذن، ترتفع منها أصوات قوية مؤثرة، هاتفة بذكر الله، داعية إلى الصلاة.


وإذا رجعت إلى الأبيات رأيتها تصور لك انتقالة شعورية مفاجئة، من الشوق والبهجة إلى الألم والحيرة والانقباض، لما أحسه الشاعر من تبدل في كل شيء: في الدولة، والزمان، واللغة، والمشاهد.
وتعتمد الأبيات في التصوير على الخواطر التي يسوقها الشاعر، وعلى الصور الجزئية التي تتخللها، ومنها الكناية في قوله: (ضل سامره) وهي كناية جميلة تدل على الحيرة والاضطراب في صورة حسية واضحة ومعبرة، وقد زاد من الدلالة على ذلك ما ذكره من أنه غريب ضل طريقه إلى كل ما قد يؤنس من دار، وأليف، وحبيب وأخ، وفي قوله: (صوت الله) وهو كناية عن الأذان. و (لسان العرب) في البيت الثالث مجازٌ مرسل ٌ، عبر فيه الشاعر باللسان عن اللغة؛ لأنه هو الذي ينطق بها.

وألفاظ الأبيات تلتقي مع جوها الشعوري: (ولهان، من التبريح، ألواناً، غريباً، شوقاً، تشجيناً .. ) ومن الألفاظ الموحية فيها: (التبريح) وهي توحي بغاية الجهد والألم، و (ألواناً)، و (ريان)، وتدل على انسياب الصوت في قوة وضوح وانطلاق.

والأسلوب خبري ليس فيه من إنشاء إلا في (سقاه الطل) وهو دعاء وقع في موقعه من الناحية النفسية، فقد دل على وقفة حزينة من الشاعر يأسى فيها لمجد وعهد تبدل، فينطلق لسانه في تحسر بالدعاء لذلك العهد بدعائه للنخيل.
المقطوعة (ب)
ينتقل الشاعر في الأبيات الموالية: من السادس حتى العاشر، إلى صور من ذكريات الماضي وخواطره: فيخاطب فردوسه المفقود، ذاكراً أن أرضه قد أنجبت كثيراً من الأبطال الشجعان .. عاشوا للمجد، وأدوا حقه عليهم، فخاضوا الحروب في مختلف وديانها وشواطئها، حتى بنوا بها للعرب أمجاداً عريقة راسخة، خضعت لها الدنيا، وذلت لها الدول، وكانوا أبطال حروب وفرسان كلام، أرسلوا الشعر فياضاً رقيقاً مطبوعاً، برزت فيه الطبيعة أخيلة رفافة محلقة، وألحاناً عذبة شجية، وكانوا مع فروسيتهم وفنهم تقاة ً عابدين يعرفون لله حقه، كما كانوا ذوي حسٍ مرهف يعرفون للجمال حقه، فيفدونه بأرواحهم. وأفاق الشاعر من سبحته الخيالية في صور الماضي وذكرياته فذكر أن ذلك كله قد ضاع، ولم يبق سوى أصداء تستشير الشجن، وتؤرق الجفون، وديار تتعلق بها القلوب، وتناجيها، فتصغي للنجوى، وتلقى الحنين بالحنين.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير