تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حديث لا يُمَلّ - مع أمير المؤمنين

ـ[السراج]ــــــــ[21 - 04 - 2010, 07:02 ص]ـ

يقول (أسلم) مولى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب:

خرجنا مع أمير المؤمنين إلى حرة واقم حتى إذا كان بصرار إذا نار، فقال: يا أسلم، إني لأرى ههنا ركبًا قصر بهم الليل والبرد، انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا امرأة معها صبيان، و قدر منصوبة على نار، وصبيانها يتضاغون.

فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء، وكره أن يقول: يا أصحاب النار.

فقالت: وعليك السلام، فقال: أَدْنُو؟ فقالت: ادْنُ بخير أو دَعْ.

قال: فدنا، وقال: ما لكم؟

قالت: قصر بنا الليل والبرد.

قال: وما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: الجوع.

قال: فأي شىء في هذه القدر؟ قالت: ماء، أسكتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر.

قال: رحمك الله. وما يدري عمر بكم؟ قالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا؟!

قال: فأقبل عليّ، فقال: انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلا من دقيق، وكبة شحم، فقال: احمله عليّ.

فقلت: أنا أحمله عنك. فقال عمر: أأنت تحمل وزري يوم القيامة، لا أم لك. فحملته عليه، فانطلق وانطلقت معه إليها نهرول، فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئًا، فجعل يقول لها: ذري علي وأنا أُحَرِّك لك، وجعل ينفخ تحت القدر، ثم أنزلها فقال: ابغني شيئًا، فأتته بصحفة فأفرغها فيها ثم جعل يقول لها: أطعميهم وأنا أَسْطَح لهم (أَي أَبْسُطه حتى يَبْرُدَ) فلم يزل حتى شبعوا وترك عندها فضل ذلك، وقام وقمت معه، فجعلت تقول:

جزاك الله خيرا، كنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين.

فيقول: قولي خيرًا، إذا جئت أمير المؤمنين، وجدتني هناك- إن شاء الله- ثم تنحى عنها ناحية، ثم استقبلها فربض مربضًا.

فقلت: إن لك شأنًا غير هذا. فلا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون، ثم ناموا وهدءوا.

فقال: يا أسلم، إن الجوع أسهرهم وأبكاهم، فأحببت ألا أنصرف حتى أرى ما رأيت.

وفي رواية أخرى:

يا أسلم، أتدرى لم ربضت حذاءهم؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين،

قال: رأيتهم يبكون، فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي.

السمو في الإحساس بالأمانة، والارتقاء في الشعور بالمسئولية.

وقد صاغ شاعر النيل قصة المرأة وأبنائها في أبيات رقيقة، فقال:

وَمَنْ رَآه أَمَامَ الْقِدْرِ مُنْبَطِحًا ... وَالنَّارُ تَأْخُذْ مِنْهَ وَهْوَ يُذْكِيهَا

وَقَدْ تَخَلَّلَ فِي أَثْنَاءِ لِحْيَتِهِ ... مِنْهَا الدُّخَانُ وَفُوهُ غَابَ فِي فِيهَا

رَأَى هُنَاكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ... حَالِ تَرُوعُ لَعَمْرُ اللَّهِ رَائِيهَا

يَسْتَقْبِلُ النَّارَ خَوْفَ النَّارِ فِيِ غَدِهِ ... وَالْعَيْنُ مِنْ خَشْيَةٍ سَالَتْ مَآقِيهَا

ـ[الخبراني]ــــــــ[22 - 04 - 2010, 06:38 م]ـ

قصة جميلة

الأمانة .... الأمانة .... الأمانة

جزاك الله خيرا أخي السراج

ـ[السراج]ــــــــ[22 - 04 - 2010, 09:57 م]ـ

شكراً على حضورك أخي ..

والقصة تزخر بكلّ المعاني النبيلة التي ينبغي أن تظهر في المسلم فما بالك إن كان قائداً ..

ـ[المحاربة الشجاعة]ــــــــ[23 - 04 - 2010, 10:49 ص]ـ

جزاك الله خيراً أستاذي الفاضل السراج ..

القصة جميلة ومأثرة , وفيها العديد من الصفات التي اتصف بها القائد الفذ الذي كان حصن الإسلام , والتي لو اتصف بها المسلمون اليوم لأصبحوا سادة العالم ......

ـ[السراج]ــــــــ[23 - 04 - 2010, 12:54 م]ـ

نعم أيتُها المحاربة ..

هي صفات واجبة على المسلم أن يتحلى بها، ويدعو غيره أن يكتسبوها ..

أما هو فقد وضع له ميزان آخر، وأفق ينظر إليه ولا يفارقه ..

شكراً على حضورك ..

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[23 - 04 - 2010, 02:38 م]ـ

جزيت خيرا أخي السراج.

فعلا حديث لا يمل.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير