[علة حسن الشعر من كتاب عيار الشعر]
ـ[عهود زائفة]ــــــــ[07 - 06 - 2010, 09:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حال اساتذتي أهل الفصيح
منذ زمن لم أدخل للمنتدى بسبب عدة ظروف شخصية
اساتذتي أريد منكم خدمة وأرجو لا تخذلوني
لدي اختبار بعد يومين وأريد المساعدة
الموضوع هو أريد شرح لعلة حسن الشعر من كتاب عيار الشعر
لابن طباطبا لقد قرته ولم أفهم أي شيء
منه أرجو مساعدتي فأنا لأول مرة أدرس بها النقد
ولكم جزيل الشكر
ـ[عهود زائفة]ــــــــ[07 - 06 - 2010, 09:52 م]ـ
وسأورد لكم ما قاله ابن طباطبا في هذا الشأن
هذا هو نصه كاملا:
عيار الشعر
علة حسن الشعر
ص20 - 23
وعيار الشعر أن يورد على الفهم الثاقب، فما قبله واصطفاه فهو راف، وما مجه ونفاه فهو ناقص. والعلة في قبول الفهم الناقد للشعر الحسن الذي يرد عليه، ونفيه للقبيح منه، واهتزازه لما يقبله، وتكرهه لما ينفيه، إن كل حاسة من حواس البدن إنما تتقبل ما يتصل بها مما طبعت له إذا كان وروده عليها وروداً لطيفاً باعتدال لاجور فيه، وبموافقة لا مضادة معها، فالعين تألف المرأى الحسن، وتقذى بالمرأى القبيح الكريه، والأنف يقبل المشم الطيب، ويتأذى بالمنتن الخبيث، والفم يلتذ بالمذاق الحلو، ويمج البشع المر، والأذن تتشوف للصوت الخفيض الساكن وتتأذى بالجهير الهائل، واليد تنعم بالملمس اللين الناعم، وتتأذى بالخشن المؤذي. والفهم يأنس من الكلام بالعدل الصواب الحق، والجائز المعروف المألوف، ويتشوف إليه، ويتجلى له، ويستوحش من الكلام الجائر، والخطأ الباطل، والمحال المجهول المنكر، وينفر منه، ويصدأ له. فإذا كان الكلام الوارد على الفهم منظوماً، مصفى من كدر العي، مقوماً من أود الخطأ واللحن، سالماً من جور التأليف، موزوناً بميزان الصواب لفظاً ومعنى وتركيباً اتسعت طرقه، ولطفت موالجه، فقبله الفهم وارتاح له، وأنس به. وإذا ورد عليه على ضد هذه الصفة، وكان باطلا محالاً مجهولاً، انسدت طرقه ونفاه واستوحش عند حسه به، وصدىء له، وتأذى به، كتأذى سائر الحواس بما يخالفها على ما شرحناه.
وعلة كل حسن مقبول الاعتدال، كما أن علة كل قبيح منفي الاضطراب. والنفس تسكن إلى كل ما وافق هواها، وتقلق مما يخالفه، ولها أحوال تتصرف بها، فإذا ورد عليها في حالة من حالاتها ما يوافقها اهتزت له وحدثت لها أريحية وطرب، فإذا ورد عليها ما يخالفها قلقت وأستوحشت.
وللشعر الموزون إيقاع يطرب الفهم لصوابه ويرد عليه من حسن تركيبه واعتدال اجزائه. فإذا اجتمع للفهم مع صحة وزن الشعر صحة المعنى وعذوبة اللفظ فصفا مسموعه ومعقوله من الكدر تم قبوله له، واشتماله عليه، وإن نقص جزء من أجزائه التي يعمل بها وهي: اعتدال الوزن، وصواب المعنى، وحسن الألفاظ، كان إنكار الفهم إياه على قدر نقصان أجزائه. ومثال ذلك الغناء المطرب الذي يتضاعف له طرب مستعمه، المتفهم لمعناه ولفظه مع طيب ألحانه. فأما المقتصر على طيب اللحن منه دون ما سواه فناقص الطرب. وهذه حال الفهم فيما يرد عليه من الشعر الموزون مفهوماً أو مجهولاً. وللأشعار الحسنة على اختلافها مواقع لطيفة عند الفهم لا تحد كيفيتها: كمواقع الطعوم المركبة الخفية التركيب اللذيذة المذاق، وكالأراييح الفائحة المختلفة الطيب والنسيم، وكالنقوش الملونة التقاسيم والأصباغ، وكالإيقاع المطرب المختلف التأليف، وكالملامس اللذيذة الشهية الحس، فهي تلائمه إذا وردت عليه - أعني الأشعار الحسنة للفهم - فيلتذها ويقبلها، ويرتشفها كارتشاف الصديان للبارد الزلال، لأن الحكمة غذاء الروح، فأنجع الأغذية ألطفها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من الشعر حكمة وقال عليه السلام: ما خرج من القلب وقع القلب، وما خرج من اللسان لم يتعد الآذان. فإذا صدق ورود القول نثراً ونظماً أثلج صدره. وقال بعض الفلاسفة: إن للنفس كلمات روحانية من جنس ذاتها. وجعل ذلك برهاناً على نفع الرقى ونجعها فيما تستعمل له.
فإذا ورد عليك الشعر اللطيف المعنى، الحلو اللفظ، التام البيان، المعتدل الوزن، مازج الروح ولاءم الفهم، وكان أنفذ من نفث السحر، وأخفى دبيباً من الرقى، وأشد إطراباً من الغناء، فسل السخائم، وحلل العقد، وسخى الشحيح، وشجع الجبان، وكان كالخمر في لطف دبيبه وإلهائه، وهزه وإثارته. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحراً.
علة أخرى
ولحسن الشعر وقبول الفهم إياه علة أخرى وهي موافقته للحال التي يعد معناه لها؛ كالمدح في حال المفاخرة، وحضور من يكبت بانشاده من الأعداء، ومن يسر به من الأولياء. وكالهجاء في حال مباراة المهاجى، والحط منه حيث ينكى فيه استماعه له. وكالمراثي في حال جزع المصاب، وتذكر مناقب المفقود عند تأبينه، والتعزية عنه. وكالاعتذار والتنصل من الذنب عند سل سخيمة المجني عليه، المعتذر إليه. وكالتحريض على القتال عند التقاء الأقران وطلب المغالبة. وكالغزل والنسيب عند شكوى العاشق، واهتياج شوقه وحنينه إلى من يهواه.