تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقامات المتأمل]

ـ[المتأمل]ــــــــ[04 - 05 - 2010, 10:43 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[مقامات المتأمل]

مقامة " الجنون "

عصر يوم صحبت ولدي، قرة عيني وفلذة كبدي ‘ لأبحث له عن الأنس والفرحة بعد غم أصابه وترحة، وبينما نحن سائران، وفي وجهتنا حائران، إذ بي أرى على جانب الطريق، قوماً حسبتهم يطفئون الحريق، فأخذت بيد ولدي أجره إليهم، لنعرض المساعدة عليهم، ولما وصلنا إلى مقرهم، عجبت من كرهم وفرهم فهؤلاء يجرون في جنون، وبأيديهم يلوحون، وأولئك اختلط حابلهم بنابلهم، وإنك لتعجب من صياحهم وبلابلهم، عندها عرفت أن الخطر بعيد، فجلست لأعرف المزيد، وقلت: يا ولدي هيا بنا نشارك، قال: لا أحب المعارك،وقد خرجنا لنلهو ونلعب، لا لنضرب ونضرب، قلت: اليوم فقط يا ولدي أحببت الفضول، فتعال نشاهد بقية الفصول، فوافق هازاً رأسه بالإشارة، لكن على مضض ومرارة، وفجأة رأيت عدداً من الرجال قادمين، بأحسن اللباس متزينين، فاستبشرت بمقدمهم، وقمت لمصافحهم، فمروا ولم يلقوا السلام، فقلت لا غضاضة ولا ملام، فهؤلاء ربما أفذاذ الرجال، وليس لمثلي معهم مجال، ولما جلسوا وشربوا القهوة، أصابتهم بعد ذلك النشوة، فقاموا يمشون، وللسبح يحملون،قال الولد: هل هذه السبح للذكر والتهليل؟ قلت: سيتضح الأمر بعد قليل، فجلسوا إلى قوم معهم عصي، يطرقون بها على الجلد القسي، ثم قام أحدهم وأسكتهم، ففرحت لأنه كبتهم، وهدأ بعدها المكان فشعر ولدي بالاطمئنان لكن الرجل وضع أمام فمه شيئاً وبدأ يصيح، قال الولد: هل هذا هو التسبيح؟ قلت لا يا مسكين، لعله يصيح من شدة الشوق والحنين، ولما سكت عن هذا الرجل الغضب، بدأ الحاضرون في الجيئة والهرب، فخاف الولد وتشبث بي،وصاح هيا للخروج يا أبي، قلت انتظر قليلاً، لعلنا نرى شيئاً جميلاً، لكن الموقف اضطرب، وعم الضجيج والصخب، وبعد مدة من كر القوم وفرهم، واستطارة شرهم، قام أحد القوم الذين تذكرون، وأومأ بالسبحة فإذا هم صامتون، ثم أنشد بصوت مزعج وترنم، قلت صهٍ إلى جهنم، ثم أخذ يسب الأول ويشتمه، ويزيد في ذلك ويتممه، وبعد أن رأيت وسمعت، ولأمر هؤلاء عرفت، مددت رجلي كأبي حنيفة، فما بلغ أحدهم مد ولدي ولا نصيفه،وبعد السباب صاح الجمهور الغفير، وعلا التصفيق والصفير، فزاد على الولد الضيق والحرج، قلت اصبر فقد جاء الفرج، انظر إلى أولئك القادمين بالسيوف والخناجر، لا بد أنهم سيقطعون بها رأس كل مكابر، وبعد جري سريع، أمام الجميع، لوحوا بما يحملون، وبأجسامهم ورؤوسهم صاروا يميلون، ومضى على تلك المشاهد الوقت الجليل، إلى أن انتصف الليل الطويل، بعد ذاك أقسم ولدي ألا نجلس، فوافقت خشية أن يهذي ويوسوس، فقام يجري ويجري، قلت: إلى أين؟ قال لا أدري! المهم أن نرحل قبل أن نصاب بالجنون، فطر بي أيها الوالد الحنون، وأثناء مغادرة ساحة المجانين، شاهدت من كافأ أولئك المغفلين، قلت لولدي أترى يا فصيح، قال: تلك مكافأة التسبيح!!! وفي طريق العودة سألني حبيبي ما هذا، ولماذا يفعلون ذلك لماذا؟! قلت: لقد قال لي أبي في زمن الطفولة، هذا يا بني من الرجولة، قال الحبيب بدهاء، وسؤال فيه ذكاء، أتحب مثل هذا العمل؟ قلت كلا والأمر لا يحتمل، فضحك واستمر كذلك برهة، ثم أقسم ألا يخرج معي في نزهة!!!!!

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[05 - 05 - 2010, 06:18 م]ـ

بارك الله فيك أخي المتأمل وحياك الله في الفصيح

مقامة رائعة جميلة استكملت المعنى ولم تقف الألفاظ أمامه.

ولم أعرف القوم حتى قرأت

ثم أخذ يسب الأول ويشتمه، ويزيد في ذلك ويتممه،

فإذا هم "خلوها"

ـ[سيسبان]ــــــــ[13 - 05 - 2010, 05:28 ص]ـ

بارك الله فيك أخي المتأمل وحياك الله في الفصيح

مقامة رائعة جميلة استكملت المعنى ولم تقف الألفاظ أمامه.

ولم أعرف القوم حتى قرأت

فإذا هم "خلوها"

ههههههههههه

اسم رائع جدا، لأولئك القوم، وكم من (التفاهات) تحصل في مجتمعات (خلوها)

دمتم موفقين

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير