[الحداثة في الشعر العربي]
ـ[أسامة الشبانة]ــــــــ[09 - 09 - 2010, 09:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما على النبي المصطفى، وعلى من سار على دربه واقتفى، أما بعد:
لقد مر الشعر العربي في العصور الماضية، باختلافات متعددة ومتنوعة، لكن العصر الحديث لم يكن هذا الاختلاف مثل ما كان، فقد أصبح ظاهرة أدبية، ألف فيها المؤلفات، وزاد من الحراك الثقافي الأدبي بشكل عام.
ولقد كانت الحداثة بمفهومها الشمولي حديث الأدباء والشعراء والمثقفين، وأصبحت الحداثة في كل أمر ومنهج في الحياة حتى شملت الشعر العربي، مما أدى إلى نقلة نوعية كبيرة في الشعر العربي.
ولا شك أن الحداثة في الشعر مطلب فني وقومي معا، ولا أتصور أن عربيا يريد تحريك السواكن في أمته، ويقف موقفا سلبيا من تحريك سواكن الشعر العربي وربطه ربطا كاملا بالعصر.
إن الحداثة في الشعر العربي أصبحت تنحى منحيين مختلفين، منحى الحداثة الزائفة التي تريد التغيير للتغيير فقط، ومنحى الحداثة الرائدة المطورة للقديم والناهضة به.
لقد أصبحت الحداثة موضوعا جدليا قائما، وانقسم المؤيدون والمعارضون وبقي المحايدون الذين يرون بأن الحداثة وما جاءت به مرجعها التدقيق والفحص، والقبول فيها راجع للقيم والأصول.
إن الجديد الذي طرأ على الشعر العربي جدير بدراسته والبحث فيه، لأنه يخضع لتساؤلين هامين هل هذا الجديد قدم ازدهارا للشعر العربي؟
وهل أصبح الإبداع في الشعر أفضل مما كان؟
ثم ما موقف العلماء من الأنواع الجديدة التي جاءت بها الحداثة، إن هذه التساؤلات جعلتني أحاول البحث فيه وأتمعن النظر حوله.
-الدراسات السابقة:
إن الحداثة قد جعلت الوسط الثقافي يلج بالمؤلفات الكثيرة حولها، ولقد كانت المؤلفات في هذا المجال عديدة ومتنوعة، ولكني هنا حاولت أن استجمع ما يدور حول الحداثة وما جاءت به في الشعر، بحيث يكون القارئ على معرفة شاملة موجزة حول الحداثة بمنظور حيادي، ومنظور يخدم اللغة والشعر.
معنى الحداثة
الحديث والمستحدث في اللغة: الجديد، (واستحدث خبر، وجد خبرا جديدا، والحدوث بالضم: كون الشيء بعد أن لم يكن.)
(وإذا كانت الحداثة في المعاجم العربية العامة تعني المستحدث الذي هو نقيض القدمة فإن المعاجم الفلسفية تتدرج بالمصطلح إلى ما يوافق روح العصر في طرائق آرائه المستجدة، حتى ولو كانت المواصفات قديمة.
ومعنى هذا أن الحديث ليس خيرا كله، كما أن القديم ليس شرا كله، وخير وسيلة للجمع بين محاسن القديم والحديث أن يتصف أصحاب الحديث بإلأصالة، والقوة، والعراقة، والابتكار وأن يتخلى أصحاب القديم عن كل ما لا يوافق روح العصر من التقاليد البالية والأساليب الجامدة.
وأن يرون أن التراث ليس مسلمات لابد من المضي عليها.)
أو (الحداثة هي التجديد الواعي أي: أن الحداثة هي وعي في التاريخ وفي الواقع، ويكون الفهم التأسيسي فيها جذريا مثله مثل شرط الوعي بالدور والمرحلة.
وهذا يعني أننا لا نحصر الحداثة في خطاب دون خطاب، فالخطابات كلها تتعرض للتحديث بالضرورة.)
إذن نجد مصطلح الحداثة، مختلفا ويمر بإشكالات متعددة، وذكر الغذامي في كتابه (حكاية الحداثة) أن مفهوم الحداثة يختلف من حداثتي لغيره، كما يرجع الصراع الثقافي بين الحداثيين وغيرهم، إلى غياب التعريف الموحد
والمتفق عليه، كما أيضا نجد التعريفات الغربية تختلف عنها في المعجمات العربية والمؤلفات.
إن مفهوم الحداثة يشمل الجانب الاجتماعي والثقافي بل وحتى الديني، لكننا نحن كالمسلمين نمضي وفق حدود ربانية واضحة، فهي تسير لنا الطريق وتهذبه حتى لا نحيد عنه.
فالحداثة ليست فقط في الأدب والثقافة بل قد ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، لذلك نرى أن المعارضين للحداثة يشنعون على مؤيدها، قصدا منهم أنها تهدم الدين و تبعدنا عنه.
لكننا لا يمكن أن نؤمن بالحداثة في أمور الدين والعقيدة، وهذا عليه أغلب الحداثيين في الوطن العربي، لكننا نأخذ الحداثة في أمور تعود علينا بالنفع والفائدة، ما دامت لا تطعن في مسلمات الدين، والعقيدة.
فالتجديد في الجانب الاجتماعي والثقافي والأدبي أمر جدلي نسبي بمعنى أنها قضية ذوقية ترجع إلى عواطف الإنسان وميوله.
والحداثة في الشعر أمر واسع ما دام أنه لا يسيء لأصول اللغة العربية، وفنونها، بل قد تضيف شيئا جديدا.
¥