تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الآن .. نهر غازي القصيبي

القصيدة التي طالما أشعرتني بحساسية الشعر وجمالية الذوق، سآتي - ريثما أجدُ وقتا لقراءة متأملة -:

خمسٌ وستُونَ .. في أجفان إعصارِ ... أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟

أما مللتَ من الأسفارِ .. ما هدأت ... إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟

أما تَعِبتَ من الأعداءِ .. مَا برحوا ... يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ

والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ ... سوى ثُمالةِ أيامٍ .. وتذكارِ

بلى! اكتفيتُ .. وأضناني السرى! وشكا ... قلبي العناءَ! ... ولكن تلك أقداري

...

أيا رفيقةَ دربي! .. لو لديّ سوى ... عمري .. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري

أحببتني .. وشبابي في فتوّتهِ ... وما تغيّرتِ .. والأوجاعُ سُمّاري

منحتني من كنوز الحُبّ .. أَنفَسها ... وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري

ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي ... والغيم محبرتي .. والأفقَ أشعاري

إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشقني ... بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ .. وإصرار

وكان يأوي إلى قلبي .. ويسكنه ... وكان يحمل في أضلاعهِ داري

وإنْ مضيتُ .. فقولي: لم يكنْ بَطَلاً ... لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ

...

وأنتِ! .. يا بنت فجرٍ في تنفّسه ... ما في الأنوثة .. من سحرٍ وأسرارِ

ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَحٌ ... يهيمُ ما بين أغلالٍ .. وأسوارِ

هذي حديقة عمري في الغروب .. كما ... رأيتِ ... مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ

الطيرُ هَاجَرَ .. والأغصانُ شاحبةٌ ... والوردُ أطرقَ يبكي عهد آذارِ

لا تتبعيني! دعيني! .. واقرئي كتبي ... فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري

وإنْ مضيتُ .. فقولي: لم يكن بطلاً ... وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ

...

ويا بلاداً نذرت العمر .. زَهرتَه ... لعزّها! ... دُمتِ! ... إني حان إبحاري

تركتُ بين رمال البيد أغنيتي ... وعند شاطئكِ المسحورِ .. أسماري

إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي ... ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري

وإن مضيتُ .. فقولي: لم يكن بَطَلاً ... وكان طفلي .. ومحبوبي .. وقيثاري

...

يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه ... وأنت تعلمُ إعلاني .. وإسراري

وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به ... علي .. ما خدشته كل أوزاري

أحببتُ لقياكَ .. حسن الظن يشفع لي ... أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ؟

ـ[السراج]ــــــــ[05 - 07 - 2010, 08:47 م]ـ

رائعة ومؤثرة!

شكرًا، أستاذنا، على هذه الفاتنة!

هل توفيت زوجه؟

وهل تملك القصيدة؟

أرجو أن نحظى بنشرها هنا.

شكرا لكم.

يبدو أنني وقعتُ في خطأ هُناك ..

الشاعر في سرير مرضه يرثي نفسه وليس زوجه، وقد ذكر ذلك في إشارته لعمره في سطور القصيدة ..

ـ[أحمد رامي]ــــــــ[06 - 07 - 2010, 05:38 ص]ـ

الله ....

قصيدة تجعل المرء يقف احتراما

أشكركم على هذا الإنتقاء الرائع.

بورك فيكم وبورك بأبي عبيدة والسراج

ـ[السراج]ــــــــ[06 - 07 - 2010, 06:05 ص]ـ

مرحباً بكم جميعاً ...

القصيدتان - رغم اختلاف غرضيهما - تضخّان بالعذوبة وتنبضان بالجمال، وكما قال أحمد رامي: تجعل المرء يقف احتراماً لهذا الإبداع. فالكلمة حين تخرج من القلب لا لشيء إلا ليشارك قلباً آخر في الأحاسيس كان مسكنها هو ذاك القلب.

ـ[هدى عبد العزيز]ــــــــ[06 - 07 - 2010, 09:25 ص]ـ

قصيدة جميلة جدا

فيها روح الشعر والعاطفة الجياشة وعذوبة اللفظ وموسيقية ورشاقة الأسطر

انتقاء ينم ُ عن حس وتذوق رفيع في الشعر

سلمت يدك

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[06 - 07 - 2010, 06:40 م]ـ

وهذه قصيدة القصيبي "رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة"

وكان المقصود بها الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله.

بيني وبينك ألف واش ينعب ... فعلام أسهب في الغناء وأطنب

صوتي يضيع ولا تحس برجعه ... ولقد عهدتك حين أنشد تطرب

وأراك ما بين الجموع فلا أرى ... تلك البشاشة في الملامح تعشب

وتمر عينك بي وتهرع مثلما ... عبر الغريب مروعاً يتوثب

بيني وبينك ألف واش يكذب ... وتظل تسمعه .. ولست تكذب

خدعوا فأعجبك الخداع ولم تكن ... من قبل بالزيف المعطر تعجب

سبحان من جعل القلوب خزائنا ... لمشاعر لمّّا تزل تتقلب

قل للوشاة أتيت أرفع رايتي ... البيضاء فاسعوا في أديمي واضربوا

هذي المعارك لست أحسن خوضها ... من ذا يحارب والغريم الثعلب

ومن المناضل والسلاح دسيسة ... ومن المكافح والعدو العقرب

تأبى الرجولة أن تدنس سيفها ... قد يَغلب المقدام ساعة يُغلب

في الفجر تحتضن القفار رواحلي ... والحر حين يرى الملالة يهرب

والقفر أكرم لا يغيض عطاؤه ... حينا ويصغي للوشاة فينضب

والقفر أصدق من خليل وده ... متغير متلون متذبذب

سأصب في سمع الرياح قصائدي ... لا أرتجي غنماً ولا أتكسب

وأصوغ في شفة السراب ملاحمي ... إن السراب مع الكرامة يشرب

أزف الفراق فهل أودع صامتاً ... أم أنت مصغ للعتاب فأعتب

هيهات ما أحيا العتاب مودة ... تغتال أو صد الصدود تقرب

يا سيدي في القلب جرح مثقل ... بالحب يلمسه الحنين فيسكب

يا سيدي والظلم غير محبب ... أما وقد أرضاك فهو محبب

ستقال فيك قصائد مأجورة ... فالمادحون الجائعون تأهبوا

دعوى الوداد تجول فوق شفاههم ... أما القلوب فجال فيها أشعب

لا يستوي قلم يباع ويشترى ... ويراعة بدم المحاجر تكتب

أنا شاعر الدنيا تبطن ظهرها ... شعري يشرق عبرها ويغرب

أنا شاعر الأفلاك كل كليمة ... مني على شفق الخلود تلهب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير