تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعد أقل من عام، كان على الأستاذ الجامعي أن يتحول عميدا لكلية التجارة وهو المنصب الذي رفضه إلا بشرط هو ألا يستمر في المنصب أكثر من عامين غير قابلة للتجديد، فكانت الموافقة على شرطه هذا إلى جانب شروط أخرى رحب بها مدير الجامعة. وبدأت تنمو الإصلاحات في الكلية ونظامها وسياستها بشكلٍ مستمر وبنشاط لا يتوقف. حتى عاد أستاذا جامعيا بعد عامين.

وفي 1973، كان القرار الهام، الانتقال من الحياة الأكاديمية إلى الخدمة العامة، في المؤسسة العامة للسكة الحديدية، وكان سبق أن عرض عليه الأمير نايف وزير الداخلية أن يعمل مديرا عاما للجوازات والجنسية، ولكنه رفض، أما إدارة مؤسسة السكة الحديدية "فأثارت شهية الإداري الذي ولد داخل الأكاديمي"، على حد وصف الدكتور غازي.

و قبل أن يتضح له أنه بدأ شيئا فشيئا يتحول إلى "وزير تحت التمرين"، كان قد التقى مرات عدة مع الأمير فهد (آنذاك)، حتى أنه شرح له في إحدى المرات فلسفة المملكة التنموية، وكأن ذاك درس للطالب النجيب لينتقل نحو مجلس الوزراء، وهذا ما حدث بالفعل في عام 1975، ضمن التشكيل الوزاري الجديد، إذ عُيّن وزيرا لوزارة الصناعة والكهرباء، ويذكر المواطن من ذلك الجيل أن الكهرباء حينها دخلت كل منزل أو على الأقل غالبية المنازل في السعودية وخلال فترة وجيزة، كذلك كان من أهم إنجازات تلك الفترة نشوء شركة "سابك" عملاق البتروكيماويات السعودي. وكانت قد ظهرت آنذاك العلامة المميزة لـ غازي القصيبي: الزيارات المفاجئة.

يعترف غازي الوزير، أنه لم يكن بوسعه تحقيق ما حققه لولا "الحظوة" التي نالها لدى القيادة السياسية للبلد، وهذه الحظوة لم تكن بالطبع لتأتي من فراغ، وتوطدت أكثر مع الأمير فهد، ولي العهد. وفي يوم من أواخر العام 1981، كان الأمير فهد قد قرر تعيين غازي وزيرا للصحة، وهو ما تم بعد تولي الملك فهد مقاليد الحكم عام 1982، ويقول الوزير الجديد، حينها، في هذا الشأن: "كانت ثقة الملك المطلقة، التي عبر عنها شخصيا وفي أكثر من وسيلة ومناسبة، هي سلاحي الأول والأخير في معارك وزارة الصحة"، وفي تلك الوزارة كانت التغيرات حثيثة ومتلاحقة، نحو الأفضل بالطبع، ظهر غازي في تلك التغيرات كإنسان أكثر من كونه وزير أو إداري، وربما كان لطبيعة العمل الإنساني في وزارة الصحة دور كبير في هذا.

كان من الأمثلة على ذلك، إنشاء جمعية أصدقاء المرضى، إنشاء برنامج يقوم على إهداء والدي كل طفل يولد في مستشفيات الوزارة، صورة لوليدهم بعد ولادته مباشرة، مع قاموس للأسماء العربية! هذا فضلا عن تعزيز عملية التبرع بالدم وبث ثقافتها وتحفيز المواطنين نحوها، كذلك ظهرت لمسات روحانية كتعليق آيات من القرآن داخل المستشفيات وتوزيع المصاحف على المرضى المنومين.

ولكن الأكيد، أنه ومع كل تلك النجاحات التي مازالت آثار نتائجها باقية حتى اليوم، لم تكن النهاية سعيدة! إذ صدر أمر ملكي بإعفاء الوزير القصيبي من وزارة الصحة، وكان ذلك في أواسط عام 1984، يقول غازي عن الإعفاء أنه كان "دراما إنسانية معقدة"، وكانت قصيدة (من المتنبي إلى سيف الدوله) قد دقت الوتد الأخير (أو هي كل الأوتاد) في العلاقة الودية بين الوزير ورئيسه في مجلس الوزراء الملك فهد، فكان الإعفاء.

وبعد شهر واحد فقط، صدر تعيينه سفيرا للملكة في دولة البحرين، بناءً على رغبته، وبقي كذلك لثماني سنوات، حتى صدر قرار تعيينه –بعد استشارته- سفيرا للمملكة في بريطانيا، وظل هناك طوال إحدى عشرة سنة، ليعود من السلك الدبلوماسي نحو الوزارة، وزيرا للمياه ثم المياه والكهرباء بعد أن دمجتا في وزارة واحدة، لينتقل مؤخرا نحو وزارة العمل، التي ما زالت ترضخ للمُصلح، وإن لم يتبق إلا قليل من درب الخروج من الأزمة.

غازي الشاعر والروائي والكاتب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير