موضوع رائع فيه من التشويق وحسن المدخل ما يجبر على إكمال القراءة.
نحن في شوق للمزيد أديبتنا.
بخصوص المعلقة فقد خرج بعض العلماء عن السرب ونفشوا معلقة امرئ القيس
نفشا فبينوا كثيرا مما اعتراها من ضعف و قصور.
فقد فضَّل ابن المعتز مطلع النابغة (كليني لهمٍّ يا أميمة ناصب) مع اعترافه
بحسن الصدر في مطلع امرئ القيس؛ قال ابن أبي الإصبع في تحرير التحبير:
لعمري لقد أحسن ابن المعتز في اختياره بيت النابغة لحسن الابتداء، فإني أظنّه نظّر بين هذا الابتداء، وبين ابتداء امرئ القيس، فرأى ابتداء امرئ القيس على تقدّمه، وكثرة معاني ابتدائه، متفاوت القسمين جداً، لأن صدر البيت جمع بين عذوبة اللفظ، وسهولة السّبك، وكثرة المعاني بالنسبة إلى العجز، وألفاظ العجز غريبة بالنسبة إلى ألفاظ الصدر، بخلاف بيت النابغة، فإنه لا تفاوت بين قسميه.
فثبت أنّ بيت امرئ القيس، وإن كان أكثر معان من بيت النابغة فبيت النابغة أفضل من جهة ملاءمة ألفاظه، ومساواة قسميه.
وإنما عُظّم ابتداء معلقة امرئ القيس في النفوس للاقتصار على سماع صدر البيت، فإنه يشغل الفكر بحسنه عن النظر في ملاءمة عجزه، أو عدم ملاءمته، وهو الذي قيل عند سماعه للمنشد: حسبك فإن قائل هذا الكلام أشعر الناس، لأنه وقف واستوقف، وبكى واستبكى، وذكر الحبيب والمنزل في شطر بيت، ولم يستنشد العجز شغلاً بحسن الصدر عنه.
وإذا تأمل الناظر في نقد البيت بكماله، ظهر له تفاوت القسمين.
أما أكثر العلماء نقدا لمعلقة امرئ القيس فهو الإمام الباقلاني
وكان يصيب أحيانا ويتعسف أخرى، وها هو يقول عن مطلعها:
الذين يتعصبون لامرئ القيس، ويدّعون محاسن الشعر يقولون: هذا من البديع، لأنه وقف واستوقف، وبكى واستبكى، وذكر العهد والمنزل والحبيب، وتوجّع واستوجع، كلّه في بيت، ونحو ذلك.
وإنما بيّنّا هذا لئلاّ يقع لك ذهابنا عن مواضع المحاسن إن كانت، ولاغفلتنا عن مواضع الصناعة إن وجدت
تأمّل، أرشدك الله، تعلم أنه ليس في البيتين شيء قد سبق في ميدانه شاعراً، ولاتقدّم به صانعاً. وفي لفظه ومعناه خلل، فأوّل ذلك أنه استوقف من يبكي لذكر الحبيب، وذكراه لا تقتضي بكاء الخليّ، وإنما يصحّ طلب الإسعاد في مثل هذا على أن يبكي لبكائه، ويرقّ لصديقه في شدّة برحائه.
فأما أن يبكي على حبيب صديقه، وعشيق رفيقه، فأمر محال. فإن كان المطلوب وقوفه وبكاءه أيضاً عاشقاً، صحّ الكلام، وفسد المعنى، لأنه من السّخف أن لا يغار على حبيبه، وأن يدعو غيره إلى التغازل عليه، والتواجد معه فيه. أما هذا الاستهلال (لقد اخترت شاعرا ما كان ينبغي أن اختاره؛ لأن سيرته مصبوغة بلون الدم القاني)
فقد عجبت من صاحبه!!!
وكأنه يقول للقراء -وخصوصا من لا يعرفون الشنفرى و حياته- لا داعي لمواصلة القراءة: d
تحيتي و تقديري
ـ[مُسلم]ــــــــ[06 - 09 - 2010, 03:09 م]ـ
أما هذا الاستهلال (لقد اخترت شاعرا ما كان ينبغي أن اختاره؛ لأن سيرته مصبوغة بلون الدم القاني)
فقد عجبت من صاحبه!!!
وكأنه يقول للقراء -وخصوصا من لا يعرفون الشنفرى و حياته- لا داعي لمواصلة القراءة: d
مثلما بدر إلى ذهني أيضا
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[07 - 09 - 2010, 12:18 ص]ـ
موضوع رائع شائق أختي المبدعة أنوار
فعلاً فأنا أقرأ مقدمة كل كتاب قبل أن أقرأه و رغم أن خير من يعرف بالكتاب كاتبه ولكن صدقيني أحياناً تكون المقدمة التي يكتبها الآخرون أوفى وأروع من الكتاب نفسه وإن كانت في الغالب دليلاً على جودة الكتاب أو غير ذلك
إنها تحمل الخصائص والمنهج كما أرادها مؤلفها، وتشير لأساليب المؤلفين واتجاه تفكيرهم في كثير من الأحايين
أحياناً يقدم للكتاب أكثر من كاتب ولشد ما تستهويني قراءة نقد الكتاب إيجاباً وسلباً وكم خططت على حواشي الكتب التي لدي مقدمات تمنيت لو خطها له أحدهم فأنمق وأذوق وأنشر إعجابي هنا وهناك وأطرح نقدي إيجاباً وسلباً وكأن الكاتب يقرأ ما قدمت وكأنه طلب مني التقديم فأرى أني تجاوزت التقديم إلى حد البحث والنقد والتقويم ..
هواية شاركتني بها أو شاركتك بها
بارك الله فيك مبدعة أديبة بليغة
ـ[الباز]ــــــــ[07 - 09 - 2010, 01:43 ص]ـ
على العكس لست مغرما بقراءة المقدمات، و لا أتخذها
مرتكزا لإصدار أي حكم على الكتاب، خصوصا إذا كانت من كاتب
أو عالم آخر غير صاحب الكتاب؛ لأن لدي -والحق يقال- حكما مسبقا
بأنها لن تكون أكثر من مجاملة و إطراء يكون غالبا في غير محله، و لولا ذلك
ما سمح المؤلِّفُ بأن تكون مقدمةً لكتابه.
لكني أعجِبْتُ كثيرا بتقديم د. طه حسين لكتاب ضحى الإسلام لأحمد أمين
ولعلها المقدمة الوحيدة التي قرأتها كاملةً برغم أني لست شغوفا
بأدب طه حسين ولم أقرأ له كثيرا خارج ما كان في المناهج الدراسية،
و قد ثبت لي صدقُ مقدمته ونزاهتُها بعد قراءة الكتاب كاملا مرات و مرات.
وقد نبه في مقدمته إلى أمر أعجبني جدا وهو غمط الصديق حقه خشية تهمة
المحاباة و العكس، وأترككم تطلعون عليه بأنفسكم فيما اقتبسته منها هنا:
http://front1.monsterup.com/upload/1283811190496.gif
¥