ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[25 - 04 - 2007, 05:57 ص]ـ
سئل البحتري فقيل له:
الناس يزعمون أنك أشعر من أبي تمَّام؟!!.
فقال:
والله ما ينفعني هذا القول، ولا يضر أبا تمام، والله ما أكلت الخبز إلا به، ولَوَدَدتُ أن الأمر كما قالوا، ولكني والله تابع له، لائذٌ به، آخذ منه، نَسيمي يَركُدُ عند هَوائِه، وأرضي تنخَفِض عند سَمائه.
وبمثل ما قاله البحتري نقول لكل من يفضّل المتنبي على أبي تمام
*******
سأعرض عليكم مقتطفات من شعره
- للتأمل لا للتحكيم -
وهي مقتطفة من
مقدمة غزلية لإحدى قصائده:
وَلِهَتْ فأَظْلَمَ كلُّ شَيءٍ دُونَها
وأنارَ مِنها كلُّ شَيءٍ مَظْلِمِ
الله الله الله ..
إنظروا إلى التصميم " الفلاشي"-إن صح التعبير- في هذا البيت
دخل قلبها فرأى بعينها حقيقة ما تراه ومع إغماضة جفنها
انتقل بانسياب إلى عالمها الخارجي
ليرى حقيقتها هي في عينه!!
وكأنَّ عَبْرَتَها عَشِيَّة وَدَّعَتْ مهراقة ٌ
منْ ماءِ وجهي أو دمي
إستشعار عميق
ضعفتْ جوارحُ مَنْ أذاقتهُ النوى
طَعْمَ الفِراقِ فذَمَّ طَعْمَ العَلْقَمِ
مقابلة مُرَّة
هي ميتة ٌ إلا سلامة َ أهلهِا
مِنْ خَلَّتَيْن: مِنَ الثَّرَى والمَاتَمِ
انظروا إلى الإثبات أولاً ثم الاستثناء ثانياً
ثم إلى تخصيص التخصيص ثالثاً
إنْ شئتَ أنْ يسودَّ ظنُّكَ كلُّه
فأجلْهُ في هذا السوادِ الأعظمِ
ليسَ الصَّديقُ بمَنْ يُعِيرُكَ ظاهِراً
متبسماً عنْ باطنٍ متجهِّمِ
الله الله ..
نعم ما ختم تلك المقدمة بهذه الحكمة العميقة
ولو نهلتم من معين حكمه وارتشفتم من سلسبيلها
لوجدتموها تفوق حكم غيره عذوبةً وعمقاً وشفاءً
حكم أبي تمام حكم رجلٌ مؤمن حسن الاسلام
خبر الحياة وسبرها ونظر إليها من زواياها الصحيحة
فيها ذكرٌ لله وللحقائق الإيمانية والقرآنية وفيها مضارب الأمثال
ومأثور الأقوال والنصائح والارشادات
فهي إذاً مواعظ وحكم
يقول الدكتور هاشم منّاع في نهاية مقالة له في
مجلة التراث العربي العدد 101 ( http://www.awu-dam.org/trath/101/turath101-014.htm)
عن:
الحكمة وتطورها في شعر أبي تمام:
"فهو بحق شاعر مفكر محلل مفسر، طوّر الحكمة التقليدية إلى حكمة هي أقرب إلى الحقائق منها إلى الشعر بطريقة جمالية تعبيرية فنية، وإن كانت تتحد وتتآلف مع صور ذهنية عقلية تقوم على التعليل المنطقي، والأسلوب الفلسفي، والمنافحة لإثبات قناعاته، من خلال مشاهدته وملاحظاته في رصد الواقع، والتأمل في الحياة، والتعبير عن طبائع البشر، وتصوير سلوكياتهم" انتهى كلامه.
انظروا إليه وهو يقول - أبو تمام-:
فصبراً ففي الصبر الجلالة والتقى
ولا إثم إن خُبِّرتَ أنّك جازعُ
فقد يأجر الله الفتى وهو كارهٌ
وما الأجر إلا أجره وهو طائعُ
إيتوني بمثلها من شعر غيره ..
لن تجدوا موعظةً كهذه ..
فكيف إذا جمعنا سائر مواعظه؟؟!
روّح الله على قبره إذ يقول:
لقد قدّرَ الأرزاقَ من ليس عادلاً
عن العَدْلِ بين الناس فيما يقدِّرُ
سبحان الذي لا يعدل عن العدل ..
هذه وقفات بسيطة عشوائية لم أعد لها مسبقاً
-وأكرر أنها للتأمل والتلذذ لا للتحكيم والتفضيل-
قد تكون ساذجة في عرضها لكنها ليست كذلك في مضمونها
ولنا عودة بإذن الله ...
ملحوظة
هذه الصفحة ستكون لشعر أبي تمام كله وفيها ستكون قراءات قصائده
إن شاء الله
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
والسلام,,,
ـ[أحاول أن]ــــــــ[25 - 04 - 2007, 02:00 م]ـ
لم تعد بحاجة ٍ أستاذ رؤبة لجمل ٍ إنشائية ٍ تعبر عن روعة إيقاع ما تكتب ..
عرض ٌ ماهر ٌ .. لشعر ٍ باهر ..
أود أن أشير إلى نقطتين بإيجاز:
1 - أن القمة َ ليست حادة ً ,بل .. مُدَببة ٌ تتسع لغير واحد ..
2 - إن أدخلت الجانب العقدي في الموازنة بين أبي تمام والمتنبي , أو الشعر الإسلامي أو الجانب الإيماني (سمِه ِ ما شئت) فأقل شاعر إسلامي معاصر خير من المتنبي .. وهذا جانب قاصر ٌ عنده لا ينكره إلا مكابر .. وتدينه وصمة ٌ واضحة ٌ في شعره لا يتجاهلها إلا متعصب ..
ولكن:
لم نشق عن صدره مع تحفظنا الشديد ..
وإن كانت الموازنة للشاعر الخيِّر المتكامل .. فليخرجن َّ المتنبي من الجولة الأولى ..
ونبرأ إلى الله أن نقول ما يغضب ربنا ..
اللهم تجاوز عنا وعنهم إنك حسن التجاوز ..
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[25 - 04 - 2007, 03:25 م]ـ
2 - إن أدخلت الجانب العقدي في الموازنة بين أبي تمام والمتنبي , أو الشعر الإسلامي أو الجانب الإيماني (سمِه ِ ما شئت) فأقل شاعر إسلامي معاصر خير من المتنبي .. وهذا جانب قاصر ٌ عنده لا ينكره إلا مكابر .. وتدينه وصمة ٌ واضحة ٌ في شعره لا يتجاهلها إلا متعصب ..
ما لهذا أردت في ذكري عقيدة أبي تمام,,
وما بهذا أقيِّم وأوازن بينه وبين أبي الطيب
وهذا لم يفعله أحدٌ قبلي
قالت سكينة بنت الحسين رحمها الله لجرير:
"إنك ضعيف عفيف"
وكثيرٌ من علماء أهل الاسلام فضّلوا الأخطل النصراني
على غيره من الشعراء المسلمين
ولو كان الفضل بهذا لساح فضل امرئ القيس وسائرالجاهليين وغيرهم ..
لكن فضل أبي تمام يكمن في "قوة عرضه" للمعاني والحكم الايمانية في قالبٍ شعريٍّ بديع
يؤلّف فيه بين الجمال المعنوي والحسّي والعقلي والروحي
وفي هذه المعاني قوة لاشك فيها أضافها إلى قوة شعره
فتميز بها عن غيره ..
وهذا ما كلَّ وقصر عنه المعاصرون من الشعراء
- الذي يسمُّون بالاسلاميين- مقارنةً مع غيرهم
شكر الله لكم مروركم الكريم ووقفاتكم المباركات
ولكم كل الفضل في توليد مثل هذه المواضيع
لأن الفضل للمتقدّم ..
والسلام,,
¥