تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنّ الأمر لم يقتصر على التحريرات التي اختلف فيها الحررون واجتهدوا فيها بحسب ما وصل إليهم علمهم وما كان بحوزتهم من المصادر والنصوص، كما أنّ الأمر لم يقتصر كذلك على عمل عوام الناس الذي لا ينبغي أنّ نكلّفهم بشيء لا يقدرون عليه ويجهلونه في نفس الأمر، ولكنّ الأمر تعدّى إلى المساس بما اتفق عليه جميع الرواة عن الأزرق من قصر المنفصل والأحكام التي تختصّ بالرواية سواء كان ذلك في الصلاة أو في غيرها، حتّى ولو كان القارئ من ذوي الاختصاص عالماً بالرواية متصدّراً للتعليم والإقراء ولا أدري كيف يكون قدوة لغيره في الأداء إن لم يُطبّق ما أخذه بالرواية عن شيوخه عند التلاوة ; وفي الصلاة.

وهذا يقال في أوجه البدل مع الذوات لورش، فابن الجزريّ قرأ بها و تقيّد بها وألزم بها غيره، وجرى العمل على ذلك جميع من اسند إليه القراءة وهذا محلّ اتفاق بين أهل الأداء أجمعين. ولم يرد عنهم أنّهم تساهلوا في الرواية أثناء التلاوة سواء كان في الصلاة أم لا، وإلاّ فما الفائدة من الرواية إن لم تُطبّق ويُعمل بها. فالرواية تُنقل للعمل بها قصد نيل الأجر والثواب، ولا يُعقل أن تروى الرواية للرواية فقط إن لم يكن لها أثراً في العمل مع الاستمرار عليه. فالتقييد بما ورد في الرواية عبادة لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام: "فاقرءوا بما عُلمتم" وإلاّ فما الفائدة من الجهود العظيمة التي قام بها أئمّتنا في حصر كلّ صغيرة وكبيرة لكلّ رواية. والتساهل في ذلك طمس وتعريض من جهودهم.

قال ابن الجزريّ في كتابه النشر: "ولذلك منع بعض الأئمة تركيب القراءات بعضها ببعض وخطأ القارئ بها في السنة والفرض (قال) الإمام أبو حسن علي بن محمد السخاوي في كتابه جمال القراء: وخلط هذه القراءات بعضها ببعض خطأ (وقال) الحبر العلامة أبو زكريا النووي في كتابه التبيان: وإذا ابتدأ القارئ بقراءة شخص من السبعة فينبغي أن لا يزال على تلك القراءة ما دام للكلام ارتباط فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بقراءة آخر من السبعة والأولى دوامه على تلك القراءة في ذلك المجلس (قلت) وهذا معنى ما ذكره أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه وقال الأستاذ أبو إسحق الجعبري والتركيب ممتنع في كلمة وفي كلمتين إن تعلق أحدهما بالآخر وإلا كره (قلت) وأجازها أكثر الأئمة مطلقاً وجعل خطأ مانعي ذلك محققاً والصواب عندنا في ذلك التفصيل والعدول بالتوسط إلى سواء السبيل فنقول: إن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى فالمنع من ذلك منع تحريم كمن يقرأ (فتلقى آدم من ربه كلمات) بالرفع فيهما أو بالنصب آخذا رفع آدم من قراءة غير ابن كثير ورفع كلمات من قراءة ابن كثير ونحو (وكفلها زكريا) بالتشديد مع الرفع أو عكس ذلك ونحو (أخذ ميثاقكم) وشبهه مما يركب بما لا تجيزه العربية ولا يصح في اللغة، وأما ما لم يكن كذلك فإنا نفرق فيه بين مقام الرواية وغيرها، فإن قرأ بذلك على سبيل الرواية فإنه لا يجوز أيضاً من حيث إنه كذب في الرواية وتخليط على أهل الدراية، وإن لم يكن على سبيل النقل بل على سبيل القراءة والتلاوة فإنه جائز صحيح وقبول لا منع منه ولا حظر وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه تساوي العلماء بالعوام لا من وجه أن ذلك مكروه أو حرام، إذ كل من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين تخفيفا عن الأمة، وتهوينا على أهل هذه الملة، فلو أوجبنا عليهم قراءة كل رواية على حدة لشق عليهم تمييز القراءة الواحدة وانعكس المقصود من التخفيف وعاد بالسهولة إلى التكليف." (ص1/ 19).

أقول: من خلال ما ذكره ابن الجزريّ ندرك ما يلي:

أوّلاً: منع بعض أهل العلم التركيب مطلقاُ كما يظهر من كلام السخاوي والنووي والجعبري لا سيما أن تعلّقت إحدى الكلمتين بالأخرى فقد قال النووي: "فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بقراءة آخر من السبعة والأولى دوامه على تلك القراءة في ذلك المجلس" أقول فإن كان الأولى دوامه في ذلك المجلس فما بالك في الصلاة؟ فضلاً عمن كان من أهل الاختصاص؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير