تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثانياً: أنّ التركيب في القراءة جائز إن لم يكن على سبيل الرواية ولكنّه معيب على أهل الاختصاص كما قال ابن الجزريّ: "وإن لم يكن على سبيل النقل بل على سبيل القراءة والتلاوة فإنه جائز صحيح وقبول لا منع منه ولا حظر وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه تساوي العلماء بالعوام لا من وجه أن ذلك مكروه أو حرام". فإن كان معيباً على أهل الاختصاص فكيف نرخّص لهم في الصلاة الذي هو محلّ قدوة للشيخ مع تلامذته.

أقول: كيف يمكن للمتخصّص الذي تعب في تحصيل القرءان بالروايات بعد جهد وتعب، يهمل في الصلاة وفي غيرها ما جاءت به الرواية من أحكام وكأنّ الرواية لم تُنقل إلاّ للإسناد فقط؟ كان ينبغي للشيخ عبد الحليم أن يحزم الأمر مع المتخصصين بأن يحافظوا على الأداء الذي تلقّوه عن شيوخهم في جميع الأحيان حفاظاً على سمعة ما يحملونه من علم وإلاّ لزهد العوام فيهم وفي علمهم لأنّ ثمرة العلم تكون في العمل فإن لم يُعمل بالعلم فلا يصل إلى العوام ويبقى العوام على جهلهم ً، لأنّ العامي يمكنه أن يصير متخصّصاً إن رءا المتخصصين يعملون بعلمهم في جميع الحالات. قال ابن الجزري في منجد المقرئين: "وهل يجوز تركيب قراءة في قراءة؟ لا يخلو: إما أن يكون عالماً أو جاهلا فإن كان فعيب ........ " أقول: هو بحقّ عيب لمن يدّعي الرواية ويهمل ما جاءت به في الصلاة وغيرها.

ولا ننسى إنكار عبد الله ابن مسعود على من قصر المتصل في {إنّما الصدقات للفقراء} ولا شك أنّ الذي أُنكر عليه من عوام الناس إذ لا يُعقل أن يقصر المتصل خواصّهم، ومع هذا فكان عبد الله بن مسعود حازماً معه منكراً لفعله. فإن كان الأمر كذلك فما بالك في الصلاة؟ وهل يُصلّي بالناس عوآمّهم أم خواصّهم؟ لا شكّ أنّ من يؤمّ الناس خواصّهم، وقد أمر النبيّ عليه الصلاة والسلام أن يُقدّم للإمامة أقرأ الناس. فكيف نرخّص لهؤلاء إهمال ما ثبتت به الرواية من أوجه وأحكام؟ إن أهمل هؤلاء ذلك فمن سيحافظ على الأداء الصحيح؟ إنّ ثبتت الرواية عن النبيّ عليه الصلاة والسلام فلأجل العمل بها وتطبيقها كلّ بحسب قدرته وعلمه مع الترغيب في الوصول إلى الغاية في الإتقان. فإن أهملنا تمكين المدّ المنفصل لورش في الصلاة فسيأتي دور المدّ المتصل وباقي الأبواب حتّى نصل إلى اللحن الجليّ فاللحن الخفيّ هو الذي يحرس الانتقال إلى اللحن الجليّ فإن أهملناه صار الطريق سهلاً إلى اللحن الجليّ.

وعلى هذا الأساس قامت جامعة الأزهر في الستّينات بتسجيل المصاحف المرتّلة وتشكيل لجنة تُشرف على التشجيلات وحرصت أن يكون الأداء متقنا وموافقاً بدقّة تامّة لما ثبتت به الرواية وكان الأمر كذلك ولله الحمد فكانت الثمرة جليّة. وكانت هذه المصاحف المرتّلة موجّهة لعموم المسلمين وليست لخواصّهم والشيخ عبد الحليم يرخّص للخواص أليس هذا اتّجاه معاكس لما قام به علماء الأزهر وغيرهم؟. وهذا يقال في المصاحف المطبوعة التي طبعت وفق ما ثبت في الرواية أصولاً وفرشاً بل وصل الأمر إلى بيان بعض الأوجه الأدائيّة وبعض الهيئات الأدائية في مؤخّرة المصحف مع أنّها كانت موجّهة لعوام المسلمين. فعوام المسلمين يتبّعون خواصّهم إن أدركوا أهمّية الالتزام بما ورد في الرواية لأنّهم يُعظمون القرءان ومستعدّون أن يتعلّموا، والواقع أكبر شاهد على ذلك.

أمّا الادّعاء بأنّ تطبيق الأوجه والأحكام على أكمل وجه تشويش على العوام، فهذا غير صحيح فقد كان هذا العلم مندثراً بعد الاستقلال لأنّ الأولويّة عند جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين وقت الاستعمار كانت في نشر العقيدة الصحيحة واللغة العربية والتفسير وما يحتاجه الشعب من فقه العبادات، وكان الشيخ النعيم النعيمي عضواً في الجمعية وكان جامعاً للقراءات العشر الكبرى على الشيخ عبد العزيز عيون السود رحمه الله تعالى ولكنّه ما أقرأ بها للأسباب التي ذكرتها. وفي بداية الثمانينات بدأ ينتشر هذا العلم على يد الشيخ يخلف شراطي رحمه الله فازدحم الناس عليه وعلى تلامذته وانتشرت قراءة الإمام نافع في العاصمة وضواحيها بأحكامها وأوجهها، ولم نرى تشويشاً ولا تكليفاً على العوام قط لا من قريب ولا من بعيد بل صار العوام يزدحمون على الحلقات في فترة كان هذا العلم مندثراً تماماً ومع ذلك لم يُرخّص

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير