تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والله أعلم." (1/ 380).

وأهل الأداء اليوم يقرؤون بالإبدال من بعض طرق الطيّبة ولو كانت العلّة في تضعيفه أنّه مذهب النحويين لسقط العمل به من جميع الطرق. ومن الطرق التي يُقرأ منها بوجه الإبدال كتاب التبصرة لمكّي القيسي وقد صرّح فيه بأنّه مذهب النحاة فلماذا يُقرأ به الآن من طريقه من الطيّبة إذن؟. قال مكي القيسي في كتابه التبصرة في القراءات السبع: "قرأ الكوفيون وابن عامر {أئمة} بهمزتين محققتين حيث وقع، وقرأ الباقون بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية، والنحويّون يقولون إنّ الثانية ياءً مكسورة." (ص226). وقد اقتصر على الإبدال كلّ من أسند الرواية من طريق مكي القيسي كما هو مذهب صاحب القصيدة الحصرية الذي يقول: ولا بدّ من إبدالها في أئمّة ...... فصَحْوَكَ إنّ الجاهلين لفي سُكْر. قال ابن عظيمة الإشبيلي (ت543) في كتابه منح الفريدة الحمصية في شرح القصيدة الحصرية عند قول الناظم: "ولا بد من إبدالها في {أئمّة}، "وقرأ وإبدال الثانية ياء محضة ولا تلتفت إلى من يرى تسهيلها بين بين".ص308).

وقال الجعبري عليه رحمة الله تعالى: "ولم يُنبّه – أي الداني في التيسير – على ما نبّه عليه الناظم من أنّ قياس التخفيف عند النحاة إبدال الهمزة ياءً مكسورة وبه أخذ مكّي وابن شريح. وليس معنى كلامه أنّ كلّ القراء سهّلوا وكلّ النحاة أبدلوا بل الأكثر من الكلّ على ما ذكروا الأقلّ على العكس، ووافق في قوله: وفي النحو أبدلا قول مكي، والنحويون يقولون إنّ الثانية ياء مكسورة." (كنز المعاني 2/ 416 الطبعة المغربية).

وقال الإمام أبي الأصبغ السُماتيّ الإشبيليّ (ت560) في كتابه كتاب تحصيل الهمزتين ص 132 و133: "فمنهم من حققهما معاً ومنهم من سهّل الثانية، وأبو عمرو من جملتهم، وتسهيلها عندهم بإبدالها ياءً مكسورة بدلاً محضاً، إعلاماً بأنّ أصلها السكون، والهمزة الساكنة حقّها البدل، فهي على مراعاة الأصل من باب الهمز المفرد، ومن مصيرها من باب الهمزتين كما قلنا."

أقول: وجه الإبدال ثابت بالرواية الصحيحة عن أهل الأداء كما صرّح ابن الجزريّ وكونه مذهب النحويّين لا يعني القدح في صحّته بل ذلك يُقوّيه من جهة القياس، وقد أقتصر عليه دون التسهيل الكثير من المحققين من أهل الأداء كابن شريح وأبو العزّ القلانسي وابن الباذش وصاحب القصيدة الحصرية وغيرهم وهو المقروء به من طريق مكي القيسي، وبه أخذ الكثير من المغاربة من طريق الداني كما سيأتي بيانه.

إنّ شرّاح الشاطبيّة المتقدّمين لم يُضعّفوا وجه الإبدال في {أئمّة}.

قال السخاوي في فتح الوصيد: "وقوله – أي الشاطبيّ -: وفي النحو أبدلا: يريد أنّ من النحويين من لا يجوّز فيها غير البدل نظراً إلى الأصل وعلى ذلك أبو علي – أي الفارسي- ومن تبعه." (ص1/ 353).

وقال الفاسي في شرحه على الشاطبية: إخبار بمذهب بعض النحويين في هذه الهمزة،فإنّهم يبدلونها ياءً ويضعّفون تحقيقها وتسهيلها بين بين وعلى ذلك أبو علي ومن تبعه. انتهى كلامه (1/ 254). وهو معنى قول أبي شامة أيضاً إلاّ أنّه أضاف: "ولم يذكر صاحب التيسير إبدالها ياءً ولا ذكر مسألة {أئمة} في هذا الباب وإنّما ذكرها في سورة براءة." (إبراز المعاني 1/ 368).

وقال الجعبري: "ولم يُنبّه – أي الداني في التيسير – على ما نبّه عليه الناظم من أنّ قياس التخفيف عند النحاة إبدال الهمزة ياءً مكسورة وبه أخذ مكّي وابن شريح. وليس معنى كلامه أنّ كلّ القراء سهّلوا وكلّ النحاة أبدلوا بل الأكثر من الكلّ على ما ذكروا الأقلّ على العكس، ووافق في قوله: وفي النحو أبدلا قول مكي، والنحويون يقولون إنّ الثانية ياء مكسورة." (كنز المعاني 2/ 416 الطبعة المغربية).

أقول: ليس في كلامهم ما يدلّ أنّ وجه الإبدال غير مقروء به، بل كلامهم يدلّ فقط أنّ بعض أهل اللغة من لا يُجوّز إلاّ وجه الإبدال فضعّفوا وجه التحقيق والتسهيل باعتبار الأصل وهو {أَأْممة} إذ الهمزة الساكنة في هذا النحو يلزمها البدل. وهذا لا يدلّ على ضعفة من جهة الرواية البتة بل قد تتقوىّ الرواية به من جهة القياس إن ثبتت كما مرّ، وقد علمنا أنّه ثابت بالرواية عن أهل الأداء. لذا اقتصر عليه ابن الباذش في كتابه الإقناع وأخذ بمذهب مكيّ القيسي دون الداني، مع أنّ مصدر كتاب الإقناع هو التبصرة والتيسير فاختار وجه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير