تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإبدال واقتصر عليه لثبوته في الرواية ولقوّته من جهة القياس.

أمّا كون الإبدال في {أئمّة} ليس من طرق الشاطبيّة والتيسير ففيه نظر.

فأمّا من التيسير فقد اختلف المغاربة في ذلك فمنهم من منع وجه الإبدال من طريق التيسير كما هو ظاهر عبارة الداني في التيسير وفي غير التيسير. قال الداني في التيسير:"قرأ الكوفيون وابن عامر {أئمة الكفر} بهمزتين حيث وقع وأدخل هشام من قراءتي على أبي الفتح بينهما ألفاً والباقون بهمزة، وياء مختلسة الكسرة من غير مد" (ص302). أقول: ومراده بياء مختلسة الكسر بين بين لقول ابن الجزريّ بعد عزوه وجه التسهيل لأصحابه: "وهو – أي التسهيل بين بين – معنى قول صاحبي التيسير والتذكرة وغيرهما بياء مختلسة الكسرة." (النشر1/ 379). وقال أبو عمرو الداني في جامع البيان: "وإنّما يتحقّق إبدالها ياءً محضة الكسرة في مذهب من لم ير التحقيق ولا بالفصل، وهو مذهب عامّة النحويين والبصريين، فأمّا من يرى ذلك وهو مذهب أئمّة القراء، فلا يكون إلاّ بين بين." (ص534). أقول: إنّ كلام الداني صريح في اقتصاره على وجه التسهيل دون الإبدال.

وذهب الكثير من المغاربة إلى أنّ وجه الإبدال مقروء به من طريق الداني بل وصل الأمر إلى بعضهم الاقتصار عليه دون التسهيل. قال المنتوري (ت834) في شرحه على الدرر: "وذكر الأدفُويّ في الإبانة، ومكي في الرعاية والكشف، وابن سفيان في الهادي، والمهدوي في الشرح، وابن شريح في الكافي والتذكير، وابن شعيب في الاعتماد، وابن مطرّف في البديع، وابن الطفيل في الغنية، إبدال الثانية من {أئمّة} ياء محضة، وقال الحصريّ في قصيدته:

ولا بدّ من إبدالها في أئمّة ...... فصَحْوَكَ إنّ الجاهلين لفي سُكْر.

قلتُ – أي المنتوري- وكان شيخنا الأستاذ أبو عبد الرحمن القيجاطي رضي الله عنه يأخذ من طريق الداني في {أئمّة} لنافع، وابن كثير وأبي عمرو بياء خالصة، وبذلك قرأت عليه وبه آخذ. وقلتُ له: تأخذ في مذهب أهل التخفيف من طريق الداني بالإبدال، وهو قد نصّ على التسهيل بين بين، وأخبر أنّه مذهب القراء؟ فقال لي: نصوص المتقدّمين من القراء في {أئمّة} محتملة، فينبغي أن تحمل على الإبدال، كما حملها الكثير من المتأخّرين لأنّ سيبويه منع فيها التسهيل بين بين.". ثمّ قال المنتوري: واعلم أن أنّ ثلاثة من المقرئين سبقوا شيخنا رحمه الله فأخذوا في أئمّة من طريق الداني لأهل التخفيف بإبدال الثانية ياء خالصة، أوّلهم ابن الباذش، قال في الإقناع: إنّ حكم التخفيف في {أئمّة} عند النحويين والقراء الإبدال ياءً محضة، لأنّها من كلمة واحدة. قال – أي ابن الباذش- وهكذا نصّ عليه سيبويه، وثانيهم أبو بكر القرطبي، قال في أرجوزته: ولكنّ في أئمّة حيث ورد ........ فأخلص الياء هُديتَ للرّشد. وثالثهم برهان الدين الجعبريّ، ذكر في قصيدته أنّ نافعاً وابن كثير وأبا عمرو، قرءوا {أئمّة} بالياء." انتهى كلام المنتوري عليه رحمة الله تعالى (1/ 280،281).

وقال ابن المرابط (ت552) في كتابه التقريب والحرش المتضمّن لقراءة قالون وورش: "وأمّا قوله: {أئمّة} حيث وقع فيجوز أن تُجعل الهمزةُ الثانية ياء مكسورة كسرة خالصة، وهو مذهب النحويين، ويجوز أن تُجعل بين الهمزة والياء كما يُفعلُ في مثل {أئذا} و {أئفكاً} وما أشبه ذلك وهو مذهب القراء." (ص91). أقول قد سلك ابن المرابط في كتابه التقريب طريق الداني في كتابه التيسير وقد أثبت وجه الإبدال من طريقه وهو من قدماء المغاربة.

أقول: من خلال ما سبق فالقول بأنّ الإبدال ليس من طريق التيسير وإن كنت أميل إليه إلاّ أنّه غير مسلّم به لثبوته عن الكثير من أعلام المغاربة القدامى كابن الباذش وابن الرابط وغيرهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير