تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الرأي أيده السخاوي واحتج له ونصره [9]، والإمام الزمخشري [10] حيث قال:"هذا علم توقيفي لا مجال للقياس فيه" [11]، والسيوطي حيث حكى عن الواحدي [12] أنه توقيفي ورجّح هذا القول [13]، وصرّح بالتوقيف نصاً شعلة الموصلي في قصيدته: (ذات الرشد) [14]، والإمام عبدالله بن صالح في (لوامع البدر) [15]، والشيخ: رضوان المخللاتي [16]، وصرَّح بالتوقيف فيه: محمد أبو شهبة [17]،والزرقاني [18]،والشيخ عبدالرازق موسى [19] في اختياره القديم.

والتوقيف ليس في كل المباحث، بل في مواضع الخلاف بين العادين في كل سورة، وما يلزم منه من اختلافهم في عدِّ آيات كل سورة.

والشاطبي في ناظمة الزهر يقول بالتوقيف، فإنه قد نسبها إلى النبي صل1 فقال:

بأن رسول الله عد عليهم له الآي توسيعا على الخلق في اليسر [20]

ثم ذكر ما يستدل على أنه توقيف بثلاث حجج، ثم إنه في: باب في علم الفواصل والاصطلاحات وغيرها [21]، ذكر سبب الخلف في عدهم، وذكر ما رواه الداني [22] عن الأعمش [23]، ثم ذكر أن الاختلاف لا يمنع أن يكون توقيفياً؛ فقال:

وما يمنع التوقيف فيه اختلافه إذا قيل بالأصلين تأويل مستبري [24]

والشيخ المخللاتي بالرغم من أنه تكلم عن الاجتهاد إلا أنه لم يصرح به أبدا في شرحه لناظمة الزهر، بل أنه حين ذكر الخبر عن الأعمش الذي رواه الداني، عقّب بعده فقال: " ثم إن اختلاف الأعمش في هذا اللفظ، وكذا ما يذكر من التوجيهات؛ لا يكون مانعا لورود التوقيف فيه، لأن التوجيه بالأصلين السابقين [25] إنما هو تعليل بعد الوقوع، لأن جانب الترجيح في هذا الفن، والتوجيه إنما يؤتى به لدفع الشبه، كما يكون في توجيه القراءات والرسم تطبيقا لقواعد العرب بقدر الإمكان" [26]، ولا يخفى أن هذا الكلام شرح البيت السابق للشاطبي، وهو بتصرف عن (لوامع البدر).

وقد نقل رح1 كلام الداني الذي جزم فيه بالتوقيف ثم عقَّب عليه فقال: "وهذا دليل واضح وبرهان قاطع على أن الفواصل ورؤوس الآي قد عُلمت بالتوقيف من النبي صل1" [27]، وإنما نقلت كلامه لأن محقق الكتاب، الشيخ: عبدالرازق موسى، جعل الحواشي في نصرة المذهب الثاني، ولكن القارئ لكلام المخللاتي لا يلمح ذلك، إلا في كلام فُهِمَ على غير مقصوده، والتصريح أولى بالتقديم من التلميح [28].

...

موقف الجعبري:

إنما أفردت موقفه لوحده، لأن كلامه فُهم بعيدا عن مذهب التوقيف، وذلك لأن الذي اشتهر من كلامه هو تقسيمه لعلم العدد أنه: توقيفي وقياسي كما قال، وبالرغم من أن معنى كلامه واضح فيه، وهو أنه شَرَحَ معنى قوله توقيفي فذكر الأحاديث الدالة على تعليم الرسول صل1 للصحابة آيات سور بالوقوف على رؤوس آياتها، ثم حين انتقل إلى القياسي عرّفه بقوله: "ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص بمناسب"، فهو يحتمل العدّ ولكن ليس معدودا، وهو يشير بوضوح إلى ما جَعَلَ عنوانه في فرش السور: (مشبه الفاصلة)، فإن هذا ليس توقيفياً بإجماع، ولذلك نرى الاختلاف فيه، فالبعض يرى أن هذا الموضع يشبه الفواصل بينما يرى البعض أنه لا يشبه الفاصلة، وسيأتي.

ثم إن الدليل على أن المصنف أراد ذلك فعلا قوله في أول الباب السابع: "ثم نظيرها كذلك، وما يُشْكِلُ بما يُعَدُّ [29] وما لا يُعَدُّ [30]؛ فالأول: كل كلمة ناسبت أحد طرفيها بوجه ما، أو عُدّ مثلها في سورتها، أو غيرها باتفاق أو اختلاف، ولا نَصَّ فيها. والثاني: كل كلمة باينت أحدهما بوجه ما ولم يعُدَّ مثلها منها أو غيرها كذلك ونُصَّ عليها"، فإن كلامه هنا في تعريف: ما يشبه الفاصلة وهو غير معدود بإجماع، وهو الأول فقال فيه: "ولا نص فيه"، أي أنه ليس توقيفياً، فأخذ من دلالة النص، ولكن الثاني: وهو ما لا يشبه الفاصلة في السورة وهو مع ذلك معدود، فقال فيه: "ونُصَّ عليه"، لأنه منصوص عليه نقلا.

ومن الحجج أيضا على أنه يرى التوقيف في هذا العلم؛ مخالفته للداني في بعض القضايا من مثل: تعريف الفاصلة، وعد البسملة من الفاتحة أو لا، وفي اعتماده الفواصل على عدّ الكوفي دون المدني الأخير وقال: "خلافاً للداني"، وغيرها؛ فلو أنه كان يرى رأياً مخالفا للداني، لصرَّح به وردّ على الداني في جعله توقيفياً، ولا يقال إن تقسيمه تصريح بالخلاف، لأنه في المخالفة يذكر ذلك بوضوح، كما هو منهجه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير