وقال ملغز آخر:
إذا ما كنت في أرض غريباً يصيد بها ضراغمها البغاث
فكن ذا بزة فالمرء تزري به في الحي أثواب رثاث
الرواية بضم الضراغم والبغاث معا ووجه ذلك أنه رفع البغاث وهي ضعاف الطير بيصيد والجملة
في موضع جر صفة للأرض وقد حذف العائد إليها وضراغمها مبتدأ وبها الموجودة في البيت خبره والجملة في موضع الحال من البغاث وحذف الواو مستغنيا بالضمير عنه نظير المسيب بن علس:
نصف النهار الماء غامره ورفيقه يا لغيب لا يدري
يصف صائدا غائضا في الماء تقديره إذا ما كنت في أرض تصيدها البغاث وبها ضراغمها ويجوز
أن تكون الجملة صفة أخرى لأرض والمعنى: أنك إذا كنت بأرض تصيدها الضعاف وهناك أقدر
منها فاستعمل الحذر واعتد ببزة.
وقال ملغز متعسف:
ولولا الكريمُ أبو مخلد أخو ثقة لم يغثني مغيثا
ولا كنت إلا لقى لا أحسُّ وهل في البرية إلا خبيثا
الكريم مبتدأ محذوف الخبر عند البصري وفاعل لولا عند الكوفي و أبو مخلد بدل من الكريم أو
عطف بيان وأخو ثقة فاعل فعل محذوف هو جواب لولا تفسيره: لم يغثني وفي نصب مغيث وجهان: أحدهما: هو مصدر كقوله: قم قائما والثاني: هو حال مؤكدة كقوله تعالى: (ويوم أبعث حيا)
تقديره: لولا أبو مخلد لم يغثني أخو ثقة إغاثة واللقى: الشيء الملقى وأحس فعل لم يسم فاعله وفيه ضمير قام مقام الفاعل وخبيثا نصب على الحال من المضمر في أحس وهل: فعل ماض مسكن اللام
معناه: ذهب وهمي إليه وأنا أريد غيره وقد اسقط منه حرف وهو إلى لأنك تقول: وهلت إلى الشيء
ومنه فتعديه به لأنه حال من المضمر في أحس فإن قيل: الضمير في وهل للغائب وفي أحس للمتكلم
فكيف صح أن يكون حالا؟ قلت: هذا عدول من الخطاب إلى الغيبة وهو جائز بلا خلاف التقدير لاأحس وأهلا في البرية ولا مغيثاً وقد وجهه بعض النحويين على غير هذا وهو تكلف بعيد
وقال محدث:
سلمان ابنُ أخينا ليت مقوله وناقل القول بالأحجار محثوث
سل فعل أمر من سأل يسأل ومان فعل ماض بمعنى كذب وهمزة الاستفهام معه مرادة وابن أخينا
فاعل مان وناقل القول عطف على الهاء في مقوله وهوغير جائزعند البصريين إلا بإعادة الجار وقياس ومذهب عند الكوفيين تقديره: سل أكذب ابن أخينا ليت مقوله أي لسانه ناقل القول بالأحجار محثوث
وقال متكلف:
طال ليلي وعاودتني النثوثا ساريات به النجومُ حثيثا
لست أدري ما النومُ وجدا سميري الهم فيه وخدني البرغوثا
عاودتني بمعنى ذاكرتني والنثوث: جمع نث وهو التحديث والشكوى وهي منصوبة مفعول ثان
لعاودتني والنجوم فاعلة وساريات حال من النجوم وحثيثا مصدر في موضع الحال من الضمير في
ساريات بالليل حاثات و (ما) في البيت الثاني استفهام وهي مبتدأ والنوم خبره وموضع الجملة نصب
بأدري وجدا مفعول له وهو الحزن والبرغوث منصوب بالوجد على تقدير حرف الجر أي بوجود البرغوث و سميري مبتدأ والهم فيه خبره وخدني عطف على سميري والتقدير: لست أدري شئ بالنوم لحزني بوجود البرغوث ثم استأنف فقال: مسامري وخدني الهم فيه.
حرف الجيم
أنشد سيبويه لغليان بن عقبة الملقب ذا الرمة:
كأن أصوات من إيغالهن بنا أواخر الميس أصوات الفراريج
الميس: خشب الرحل والإيغال في المشي: الدخول فيه على جهة الاستقصاء ويريد إيغال الإبل وجر
أواخر الميس بإضافة أصوات إليها وفصل بينهما بالظرف ضرورة التقدير: كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهن بنا أصوات الفراريج و من إيغالهن بنا حال والعامل في العامل فيها كأن أي كأننا
من إيغالهن بنا.
وقال ملغز:
رجع القومَ بعدما كان فيهم من تولى وحقق الاحتجاجُ
الاحتجاج فاعل رجع القوم مفعوله وهو نظير قوله تعالى: (فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ) التقدير: رجع الاحتجاج
القوم بعدما كان فيهم من تولى وحقق
وقال آخر:
أنت أعلى الورى وأشرف قدرا إنما الملكُ فوق رأسك تاجا
الملك مبتدأ و فوق رأسك الخبر و تاجا حال من الضمير في الخبر وهوالعامل فيها كقولك: زيد في
الدار قائما
وقال آخر:
وقد برمت مما تراكم نيها إذا نهضت في ساعديها الدمالجا
تقديره: برمت الدمالج في ساعديها مما تراكم تيها أي شحمها سمنها وأنها تستثقل الدمالج.
وقال آخر:
أنت نعم الكمي تورده الحر ب إذا ما استطار منها العجاجا
الكمي: الشجاع المستتر بالسلاح و أنت مبتدأ ونعم الرجل الخبر والعجاج مفعول ثان لتورده وفي
استطار ضمير منه تقديره: تورده الحرب العجاج إذا استطار منها.
وقال آخر:
¥