بوافقت أخرى دلّت عليها وافقته تقديره: فوافقته ووافقت على دمه ومصرعه السباع وقال بعض النحويين: في كرّت ضمير الخيل والسباع بدل من الضمير في وافقته.
قلت: هذا موضع المثل وكيف يرحل من ليست له إبل والصحيح ما خبرتك به لأن قبل هذا البيت:
كأن نسوع رحلي حين ضمّت حوالب غرزاً ومعاً جياعا
على وحشيّةٍ خذلت خلوجٍ وكان لها طلاً طفلٌ فضاعا
ويلزم على سياق كلامه أن يكون بدل غلطٍ وبدل الغلط لا يكون إلا في يديه الكلام وما يصدر
عن غير روية.
وقال بعض الملغزين:
إذا الخلّ زيداً بالوصال يكن لنا خليلاً فقد خان العهود وضيّعا
الهمزة من إذا فعل أمر من وأى يئي إذا وعد وقد تقدم مثله وذا اسم إشارة والخل: صفته وزيداً:
بدل أو عطف بيان وبالوصال: مفعول ثان لإ واستعماله بالباء بعيد في لغة العرب، قال الله تبارك
وتعالى: (وعدكم الله مغانم كثيرةً).
وقال ملغز آخر:
ولست بطاوٍ خشية الفقر ساغباً أضنّ بما تحويه مني الأصابعا
نصب الأصابع بطاوٍ والمراد البخل وساغباً خبر ثانٍ أو حال من الضمير في طاوٍ وأضنّ مثله و ما
موصولة وتحويه صلتها وفي تحويه ضمير من الأصابع وخشية الفقر: مفعول له من صلة طاو
وتقديره: لست طاوياً مني الأصابع ضاناً بما تحويه خشية الفقر.
وقال آخر:
وقيل متى تحلّ بلاد نجدٍ فقلت لهم إذا جاء الربيعا
الربيع ظرف زمان وهو جواب متى وفي جاء ضمير منه التقدير فقلت في الربع إذا جاء.
وقال متعسف:
ويح يوم الفراق إذ سار عمرٍو وحدينا الركاب نسري جميعاً
عمرو مجرور بإضافة ويح إليه وقد فصل بينهما ضرورة و ويح من المصادر التي لا أفعال لها
وهو منصوب إمّا على النداء أو على أصل المصدر والركاب: فاعل سار ونسري: حال من الضمير
في حدينا وجميعاً: حال من الضمير في حدينا نسري تقديره: ويح عمرٍو يوم الفراق إذ سار الركاب
وقد حديناها سارين جميعاً.
وقال بعض هذيل:
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفرٍ فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع
أبا خراشة: منصوب لأنه منادى مضاف وأمّا هذه مركبة من أن المفتوحة الهمزة و ما هذه عوض
عن كان محذوفة وذا نفرٍ: خبرها وأنت نابت عن اسمها التقدير: لأن كنت ذا نفرٍ والضّبع هنا السنة
المجدبة أي إن كنت ذا أقوام فأنا نساويك في ذلك.
حرف الغين
لم يقع إلي من هذا الحرف شيءٌ مما أروم ذكره فيه فانخرطت في سلك من تكلّف ممن تقدّم فقلت:
بعيري مسرعٌ جلدٌ جرئ على الغمرات يقتحم الفراغ
البعير معروف واشتقاقه ظاهر وهو مبتدأ وقد تكرّر خبره بعده وهذا التكرار نظير قوله تعالى: وهو
الغفور الودود ذو العرش المجيد فعّال لما يريد ومما أنشده سيبويه من قول الشاعر:
من يك ذابت فهذا بتّي
مقيّظ مصيّف مشتّي
و على متعلق بجريء والفراغي: كلمتان وقع بهما الألغاز فألف عبارة عن هذا العدد المعروف وقد
وصل همزته لضرورة الشعر وراغي: اسم فاعل من رغا البعير يرغو: إذا صاح تقول العرب: ماله
ثاغيةٌ ولا راغيةٌ فالثاغية: الشاة والراغية: الناقة تقديره: يحتقر ألف بعيرٍ راغٍ.
حرف الفاء
قال الفرزدق:
وعظّ زمانٍ يا بن مروان لم يدع من المال إلا مسحتً أو مجلّف
العظّ بالظاء المعجمة: الشدّة في الحرب والمسحت: من أسحته الله إذا استأصله والمجلف: الذي أتى
الدهر على ماله والمعنى ظاهر. ويروى بفتح دال يدع وكسرها فعلى الفتح في رفع مجلف طريقان: أحدهما أنّه محمول على المعنى لأن معنى لم يدع: لم يبقى وهو قول أبي علي والثاني: مجلف مبتدأ وخبره محذوف و أو عاطفة جملة اسمية على جملة فعلية.
وعلى الكسر يرتفع مسحت ومجلف ويجعل يدع من الإبداع أي لم يستقر فيه من المال إلاّ مسحت.
وقال أخر:
منعوني وما أكلتُ من الزا د رغيفٌ وما يردّ الرّغيفا
ما الأولى مبتدأ بمعنى الذي وأكلت صلته والعائد محذوف والثانية مبتدأ بمعنى أيّ ويردّ: خبره
والرغيف مفعوله ويجوز أن يكون الرغيف مفعولاً ثانياً لمنعوني وما الثانية مفعول يردّ تقديره:
منعوني الرغيف والذي أكلته رغيف وأي ّ شيء يرد؟ أي من الجوع.
وقال ملغز آخر:
خالف ابن الشحناء في كل أمرٍ فاتركه فقد كرهت الخلاف
يريد: خالي منادى مضاف وحذف الياء كقواه تعالى إخباراً: (ربّ لا تذر) و في حرف جر وسقطت
الياء لالتقاء الساكنين وهو خبر المبتدأ الخلاف وكرهت يريد: كرهته فحذف المفعول
وقال متعسّف:
حدثوني أنّ زيدٍ باكياً قائل: في حبّ هندٍ تعسف
¥