حرف الميم
أنشد سيبويه للدبيريّ:
قد سالم الحيات منه القد ما
الأفعوان والشجاع الشّجعما
وذات قرنين ضموزاً ضرزما
الأفعوان: ذكرالأفاعي والميم في الشجعم زائدة والضموز: الساكنة والضرزم المسنّة وذلك أخبث لها.
وقد أنشد سيبويه برفع الحيات ونصب القدم وذلك يقتضي رفع الأفعوان وتلوه على جهة البدل وإنما
نصبه حملاً على المعنى لأنّ الحيات إذا سالمت القدم فقد سالمتها القدم لأن المفاعلة لا تكون إلا من
اثنين غالباً. وأنشد الفرّاء بنصب الحيات على أنها مفعول بها والفاعل القدمان وأسقط النون
كقول الأخر: هما خطتّا إمّا إسارٌ ومنّه
على رواية الرفع يصف رجلاً بخشونة قدمه وإنّ هذه الأنواع من الحيات لا تؤثر فيها
وقال بعض العرب:
تذكرت أرضاً بها أهلها أخوالها فيها وأعمامها
رفع الأخوال والأعمام وجهة الكلام على البدل من الأهل وإنمّا نصبهم بتذكرت أخرى دلّت عليها
حملاً على المعنى لأن تذكراً أرض الأهل فكأنه قال: تذكرت أخوالها وأعمامها
وأنشد جماعة من النحويين للبيد:
حتى تهجّر في الرواح وهاجه طلب المعقّب حقّه المظلوم
الضمير في تهجّر والضمير المنصوب في هاجه للحمار وفي هاجه فاعل من الرواح يعني: يطلب الحمار الماء طلباً المعقّب وهو الذي يطلب حقّه مرةً بعد أخرى وحقّه: مفعول طلب والمفعول صفة المعقب على الموضع، وسمعت بعض من يتعاطى هذا العلم ينشد: بالرفع وقد علمت أنّ المعنى يخله من حيث أنّ طلب المعقّب لا يهيج الحمار وتقديره مع ما بعده: طلب مثل طلب المعقّب.
وقال ملغز:
وتثبّت إذا لقيت سليمى فهي بدرٌ يسبيك منها الكلاما
وإذا قالت السلام عليه كل يومٍ فقل عليك السلاما
الكلام: مفعول تثّبت تقديره: إذا لقيت سليمى وهي بدر يسبيك فتثّبت الكلام منها.
والسلام: منصوب بعليك على الإغراء.
وقال ملغز آخر:
جالت لتصر عني فقلت لها اقصري إني امرؤ صرعي عليك حرام
قيل: هو مجرور على الجوار للكاف والياء وهو قبيح لأنه ليس بفضلةٍ. وقيل: هو مبني على الكسر
كحماد وبداد. وقيل: هو على النسب كأروناني وأسودي وقد خفّف.
وقال الفرزدق:
وما كنت أخشى الدهر إحلاس مسلمٍ من الناس ذنباً جاءه وهو مسلما
قال ثعلبٌ: الإحلاس بالحاء غير معجمةٍ: الإلزام والدهر: ظرف لأخشى ومن الناس: متعلق به أيضاً
و مسلما مفعول أول لإحلاس وذنباً مفعول ثانٍ له أيضاً وجاءه: صفة ذنب وفي جاءه وفي جاءه ضمير من مسلم الأول وهو معطوف على ذلك الضمير وكان الواجب تأكيده تقديره: وما كنت أخشى
من الناس في الدهر إلزام مسلمٍ مسلماً ذنباً جاءه هو وهو ومعناه: ما كنت أظّن إنساناً يفعل ذنباً هو
وآخر فينسبه إليه دونه
وقال آخر: فأصبحت بعد خطّ بهجتها كأنّ فقراً رسومها قلما
هذا على التأخير والتقديم تقديره: فأصبحت بعد بهجتها فقراً كأنّ قلماً خطّ رسومها. فقفراً: خبر أصبحت وقلماً: اسم كأنّ وخطّ: خبرها ورسومها: مفعول خطّ وتقديم خطّ الذي هو خبر كأن عليها لحنٌ فاحشٌ والفصل به بين أصبحت وخبرها والفصل بخبر أصبحت بين كأنّ وتابعها أفحش.
وأنشد أبو الحسين أحمد بن فارس لسويد بن كراع:
فدع عنك قوماً قد كفوك شؤونهم وشأنك إلا تركه متفاقم
وجّه الألغاز التباس إلا هنا بحرف الاستثناء ولالتباس تركه بالاسم المرفوع وتوجيه إعرابه: أنّ
شأنك مبتدأ و إلا حرفان: إن الشرط و لا النفي تركه فعل مجزوم بأن وعلامة الجزم حذف الواو
ومتفاقم: خبر شأنك والشرط متعرض بين المبتدأ والخبر وجوابه محذوف قامت الجملة مقامه.
وقال لبيد:
باكرت حاجتها الدجاج بسخرةٍ لأعلّ منها حين هبّ نيامها
الضمير في حاجتها للخمر والدجاج: الديكة ولأعلّ أي لأسقى بعد سقي الأول وهبّ: أتنبه من نومه
ونصب حاجتها بباكرت على أنّه مفعول له وأوقعه موقع الاحتياج والدجاج مفعول باكرت وقد حذف منه مضافاً تقديره بكور الدجاج معناه: باكرت لأجل احتياجي إلى الخمر بكور الدجاج لأسقي منها حين أنتبه النيام
حرف النون
أنشد أبو عثمان لبعض الملغزين:
فرعون مالي وهامان الألى زعموا أني بخلت بما يعطيه قارونا
¥