من بدهيات الإنصاف أن تفهم قول مخالفك قبل أن ترد عليه، بارك الله فيك!
ومن توالي الإنصاف أن لا تحكم على مخالفك (حال المناظرة) أن كلامه لم يبن على أساس متين، وأنك تحس فيه بادئ الرأي الضعف والخور.
فإن مخالفك لا يعجز أن يصف قولك بما هو أشنع من ذلك، ولا يعجز أن يتهمك بأنك لم تعط النظر حقه (وهذا نص كلامك "بادئ الرأي").
وأما أن ما ذكرتُه ليس له علاقة بما ذكرتَه، فيبدو أنك قد كتبت ما كتبتَ دون تأمل، بعكس ما تدعوني إليه من التأمل في كلامك! فتأمل!
أعد النظر فيما قلتَه في رقم (3)!
وكذلك فيما ذكرتَه في رقم (4)!
وكذلك في رقم (5)!
كل هذه الأوجه مبنية على أن الحقيقة لا تتعدد يا أخي، فكيف نسيت كلامك!
وأما عدم تحريرك لمحل النزاع، فقد سبق أن قلت: إن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز إن كان تقسيما اصطلاحيا فلا مشاحة فيه، ولكن الإشكال في تغيير الأحكام، بأن الحقيقة لا يجوز نفيها، وأن المجاز لا يجوز تأكيده!
هل تلتزم هذه اللوازم؟
وأما باقي ما ذكرته فقد قلت لك إنه لا يخص محل النزاع، فمسألة (يذهب بشطر من محاسن العربية) غير وارد أصلا؛ لأن هؤلاء لم ينكروا توسع العرب في كلامها، ولا ينكره أحد يعرف شيئا من لغة العرب.
وأما ما ذكرته من علم الاشتقاق، فهو دليل عليك لا لك! لأن الظلمة والظلم يرجعان إلى أصل واحد، وهما حقيقتان، وإذا رجعت إلى مقاييس اللغة لابن فارس وغيره من كتب الاشتقاق لوجدت أصول المادة الواحدة قد تتعدد.
وأنصحك قبل أن تطيل الرد في هذه المسألة أن تطلع على أقوال الفريقين، اقرأ مثلا في المجلد السابع من (بيان تلبيس الجهمية) لابن تيمية، وكذلك ألق نظرة على (درء تعارض العقل والنقل) له.
ويبدو أن طريقتنا في النقاش تحتاج إلى تحرير؛ لأننا لم نحدد موطن النزاع تحديدا تاما ابتداء، لأن كثيرا من الخلاف بيننا خلاف لفظي؛ فلم ينكر الاستعارة والتشبيه أحد لا من أصحاب المجاز ولا من منكريه، ولم ينكر التوسع والانتقال في الكلام أحد لا من هؤلاء ولا من هؤلاء.
فينبغي أن نحدد موطن الخلاف تماما حتى يكون النقاش مثمرا.
وعذرا من اقتضاب الجواب لضيق الوقت، ولي عودة إن شاء الله
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[27 - 08 - 2007, 03:49 م]ـ
حقا نحن في حاجة شديدة إل تحرير موضع النزاع وتحرير المصطلحات-وعلى رأسها مصطلح المجاز نفسه- وتوثيق الأقوال والآراء قبل ردها أوقبولها وعدم إطلاق القول على عواهنه ومع ذلك كله وقبله وبعده الصبر والتأني والإنصاف واللين والرفق الذي ما كان في شيئ إلا زانه ولا نزع من شيئ إلا شانه، وإلا فلنقف الجدل ونحفظ ود القلوب وصفاء الإخاء؛ فهو أهم، ولكل وجهة هو موليها، والموضوع يبدو أكبر من أن نحسم الرأي فيه هنا.
وكنت قد انصرفت عن هذا الموضوع بعد سؤالي الأستاذ أبا مالك: مَن قال إن لا إله إلا الله مجاز، فلم يجبني وطفق ينسب أقوالا غريبة إلى من سماهم متأخري الأشاعرة ومن قالوا إن معظم الصفات الواردة في النصوص الشرعية مجاز! ونحو هذا من الكلام المعمم الذي لا أدري مَن مِن المسلمين قاله وأين قاله؟ ويعلم الله أني إنما أريد الإفادة من علمكم الغزير واطلاعكم الواسع، زادكم الله من فضله، والقضايا الخلافية لا ينفع فيها إطلاق الكلام وتوزيع التهم بلا تحديد ولا توثيق، فليس كل خلاف يعتد به ولا كل قائل يلتفت إلى قوله عند أهل العلم. أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[27 - 08 - 2007, 04:03 م]ـ
أستاذي الكريم الدكتور بشر
أنا الآن لست في مقام نسبة الأقوال لقائليها وتحقيق ذلك، ووقتي ضيق جدا، ولا أتفرغ لذلك، وارجع إلى البحر المحيط للزركشي وغيره فستجدهم نصوا على أن (لا إله إلا الله مجاز)؛ لأن العموم المخصوص مجاز عندهم.
وكذلك (محمد رسول الله) مجاز! لأن التخصيص بالإضافة عندهم مجاز.
وهذا الكلام الذي وسمته بقولك (الكلام المعمم الذي لا أدري من من المسلمين قاله وأين قاله) هو القول الذي أنفيه، فإن لم يكن قد قاله أحد، فالحمد لله، وإن كان قاله أحد، فهو المراد بالرد عليه، لا أنت.
وإذا كنت لا تعرف أن متأخري الأشاعرة تأولوا معظم الصفات الواردة في النصوص الشرعية فينبغي أن لا نكمل النقاش أصلا؛ لأن هذا الأمر أشهر من أن يخفى.
ـ[أبو قصي]ــــــــ[27 - 08 - 2007, 06:31 م]ـ
ما زلتُ أنتظرُ الجوا ** بَ وبي من الشوقِ اضطرامُ
أبا مالك،
لم تأتِ بشيءٍ؛ فإن ردَّ حجةِ الخصمِ لا يكونُ بقول: (أعد النظر فيما قلتَه في رقم (3)!
وكذلك فيما ذكرتَه في رقم (4)!
وكذلك في رقم (5)!
كل هذه الأوجه مبنية على أن الحقيقة لا تتعدد يا أخي، فكيف نسيت كلامك!)!!!
أفهذا يأ أخي احتجاجٌ؟!
ودِدتُ لو أنك بيَّنتَ مكانَ ذلك كيفَ اقتضى كلامي ما زعمتَ!
فما دمتَ دخلتَ هذا الموضوع فيلزمك أن تردّ إذا رددتَ ردًّا منطقيًّا يقرّ به الخصمُ، لا أن تحاورَ عن جنُبٍ؛ كأنك تخشى شيئًا من تقحّم غمار القولِ.
ما زلتُ وأحسبني لن أزالَ أنتظرُ ردَّك ...
الحجة
¥