وبتآخي أجزاء الصورة يتحقّق غرض التشبيه بالدعوة إلى ((المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذُّرها، والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر، ووصف نوعًا من شدائد تلك الفتن، وهو أنه يمسي مؤمنًا، ثم يصبح كافرًا أو عكسه ... وهذا لعظم الفتن! ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب!)).
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[29 - 08 - 2007, 08:28 ص]ـ
قد يأتي البيان النبوي على شكل تصوير قصصيّ موجز متحرِّك حافل بالحركة والصوت مما يضفي عليه واقعية تتمثّلها النفوس، فتستجيب إليها، وتدرك مراميها البعيدة ..
كما في حديث أَنَس بْن مَالِكٍ عن رَسُولُ اللَّهِ "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ؛ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا! ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ! أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ! " (أخرجه مسلم من حديث أنس بن مالك وغيره، رقم الحديث: 4932).
قصة سريعة وقصيرة مكتملة الجوانب تصوِّر مشهدًا نابضًا بالأفعال والحركات السريعة المتلاحقة، لتنقل الإحساس برحمة قيُّوم السموات والأرض وفرحته بتوبة عبده، فهو يعلم فيه سمات الضعف البشريّ وسيطرة النزوات والشهوات، فلم يتركه فريسة الذنب، بل رحمه وفتح أمامه باب التوبة.
سُبك هذا المعنى المجرَّد الغيبي بصورة المحسوس المشاهد، وتتجلّى بلاغة تصويره في انتقاء كلمات موحية وعبارات دقيقة التعبير عن معانيها منها:
- تأدية التشبيه بأفعل التفضيل (أشدّ فرحًا) ليجلِّي رحمة الله بعبده وسعة فضله وهو الغنيّ عن عباده.
- الإضافة في (عبده) للتكريم في مقام الامتنان.
- التعبير بـ (على راحلته) لإفادة التمكُّن وتمام السيطرة.
- (فلاة) توحي بالسعة وترامي الأطراف، ويستتبع ذلك الخوف من الضياع.
- (فانفلتت منه) تدلّ صيغة المطاوعة على انفلات السيطرة وفقد التحكم.
- (وعليها طعامه وشرابه) جملة حالية توحي بالضياع واليأس القاتل.
- تكرار اليأس (فأيس منها ... وقد أيس منها) ليجلي استبعاد الرجوع في المشبه به، فتشع منة الله بالتوبة.
ومن هذه الأجزاء تكتمل صورة البيان لتشكل المقصد الأساس من الحديث وهو الحث على التوبة وتقرير رحمة الله بعباده فهو التواب الرحيم، مع غناه عن عباده.
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[29 - 08 - 2007, 02:40 م]ـ
أحبابي الكرام، بارك الله فيكم وشكر لكم جهدكم هذا العظيم، وبهذه المناسبة أين أجد الكتب التالية في البلاغة النبوية، وهو موضوع يشغل بالي منذ مدة طويلة:
1 - البيان النبوي، للدكتور محمد رجب البيومي.
2 - الحديث النبوي من الوجهة البلاغية، للدكتور عز الدين علي السيد.
3 - أي كتاب في البلاغة النبوية أو الحديث النبوي من الوجهة البلاغية غير كتاب الرافعي رحمه الله.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[30 - 08 - 2007, 01:12 ص]ـ
أخي د. بشر حفظه الله
تحية عطرة، يتوفر لدي الكتب التالية في البلاغة النبوية:
البيان النبوي: محمد رجب بيومي
من روائع البيان النبوي: دراسة أدبية تحليلية: مصطفى عبد الواحد
أسرار البيان النبوي: أحمد محمد علي
البيان النبوي، مدخل ونصوص
كيف يمكن أن اوصل هذه الكتب إليك، إذا أردت أرجو التواصل على بريدي الإلكتروني، مع كل الحب والتقدير
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[30 - 08 - 2007, 12:05 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ محمد سعد، كرم شامي معهود والشيء من معدنه لا يستغرب، وسترى رسالتي في بريدك اليوم إن شاء الله، وبارك الله فيك وجزاك الله خيرا.
وبهذه المناسبة هنالك استشارات في موضوع (استشارات الرسائل العلمية في النحو والصرف واللغة) بمنتدى الدراسات العليا الذي تشرف من قبل بمشاركتكم، أحتاج إلى رأيكم فيها، فأرجو أن تتكرم علينا بالمرور من هناك، فتفيدنا، ونحب أن تبقى معنا هناك للإسهام في مساعدة إخوتنا وأخواتنا طلاب الدراسات العليا، خاصة فيما يتعلق بعلم اللغة. ولك خالص ودي وكثير شكري.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[31 - 08 - 2007, 08:58 ص]ـ
¥