تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ز-الأحاديث التي دونها من نشأ بين العرب الفصحاء.

ح-الأحاديث المروية من طرق متعدد وألفاظها واحدة.

نبذة عن علوم اللغة، والاحتجاج لها:

قال الأندلسي في شرح بديعية رفيقه ابن جابر: "علوم الأدب ستة: اللغة والصرف والنحو، والمعاني والبيان والبديع، والثلاثة الأول لا يستشهد عليها إلا بكلام العرب، (دون الثلاثة الأخيرة فإنه يستشهد فيها بكلام غيرهم من المولدين، لأنها راجعة إلى المعاني، ولا فرق في ذلك بين العرب وغيرهم، إذ هو أمر راجع إلى العقل، ولذلك قبل من أهل هذا الفن الاستشهاد بكلام البحتري، وأبي تمام، وأبي الطيب وهلم جرا) ً".

نبذة عن طبقات الشعراء:

"الأولى": الشعراء الجاهليون، وهم قبل الإسلام، كامرئ القيس والأعشى.

"الثانية": المخضرمون، وهم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، كلبيد وحسان.

"الثالثة": المتقدمون، ويقال لهم الإسلاميون، وهم الذين كانوا في صدر الإسلام، كجرير والفرزدق.

"الرابعة": المولدون، ويقال لهم المحدثون، وهم من بعدهم إلى زماننا، كبشار ابن برد وأبي نواس.

فالطبقتان "الأوليان" يستشهد بشعرهما إجماعا

و"الثالثة"، الصحيح صحة الاستشهاد بكلامها.

وقد كان أبو عمرو بن العلاء، وعبد الله بن أبي إسحاق، والحسن البصري، وعبد الله بن شبرمة، يلحنون الفرزدق والكميت وذا الرمة وأضرابهم، في عدة أبيات أخذت عليهم ظاهراً، وكانوا يعدونهم من المولدين لأنهم كانوا في عصرهم، والمعاصرة حجاب.

قال ابن رشيق في "العمدة": " (كل قديم من الشعراء "فهو" محدث في زمانه بالإضافة إلى من كان قبله). وكان أبو عمرو يقول: لقد أحسن هذا المولد حتى لقد هممت أن آمر صبياننا برواية شعره، يعني بذلك شعر جرير والفرزدق، فجعله مولداً بالإضافة إلى شعر الجاهلية والمخضرمين. وكان لا يعد الشعر إلا ما كان للمتقدمين، قال الأصمعي: جلست إليه عشر حجج، فما سمعته يحتج ببيت إسلامي".

وأما "الرابعة" فالصحيح أنه لا يستشهد بكلامها مطلقاً، (وقيل يستشهد بكلام من يوثق به منهم، واختاره الزمخشري، وتبعه الشارح المحقق، فإنه استشهد بشعر أبي تمام في عدة مواضع من هذا الشرح، واستشهد الزمخشري أيضاً في تفسير أوائل البقرة من "الكشاف" ببيت من شعره)، وقال: "وهو إن كان محدثاً لا يستشهد بشعره في اللغة فهو من علماء العربية، فأجعل ما يقوله بمنزل ما يرويه. ألا ترى إلى قول العلماء: الدليل عليه بيت الحماسة، فيقنعون بذلك لوثوقهم بروايته وإتقانه".

وقد خطأ العلماء المتنبي وأبا تمام والبحتري في أشياء كثيرة كما هو مسطور في شروح دواوينهم.

وفي"الاقتراح" للجلال السيوطي: "أجمعوا على أنه لا يحتج بكلام المولدين والمحدثين في اللغة والعربية".

وفي "الكشاف" ما يقتضي تخصيص ذلك بغير أئمة اللغة ورواتها، فإنه استشهد على مسألة بقول أبي تمام الطائي. وأول الشعراء المحدثين بشار بن برد، وقد احتج سيبويه ببعض شعره تقرباً إليه، لأنه كان هجاه لتركه الاحتجاج بشعره، ذكره المرزباني وغيره. ونقل ثعلب عن الأصمعي أنه قال: "ختم الشعر بإبراهيم بن هرمة وهو آخر الحجج".

وجعل بعضهم طبقات الشعراء ستاً، وقال: الرابعة المولدون، وهم من بعد المتقدمين كمن ذكر، والخامسة المحدثون، وهم من بعدهم كأبي تمام والبحتري، والسادسة المتأخرون، وهم من بعدهم كأبي الطيب المتنبي.

وخلاصة هذه الأقوال النفيسة، أن أصحابها، رحمهم الله انقسموا إلى 3 فرق:

الفريق الأول: وعلى رأسه "أبو حيان"، رحمه الله، يمنع الاستدلال بالحديث في المسائل النحوية مطلقا، لتصرف الرواة المتأخرين في ألفاظ الأحاديث.

الفريق الثاني: وعلى رأسه "ابن مالك"، رحمه الله، وهو يفتح الباب للاستدلال بالحديث في المسائل النحوية مطلقا، وممن أيده من المعاصرين: الشيخ العلامة أحمد شاكر، رحمه الله، في "الباعث الحثيث".

الفريق الثالث: وعلى رأسه "أبو إسحاق الشاطبي" و"الجلال السيوطي"، رحمهما الله، وقد توسط في هذه المسألة: فأيد الاحتجاج بالحديث، إذا كان منقولا بلفظه لا معناه، ومنع الاحتجاج بما عدا ذلك.

ولا شك أن رأي الفريق الثالث، هو الأقوى، لأنه لا يهدر الاستدلال كلية، ولا يفرط في الاستدلال وإن كانت ألفاظ الأحاديث متصرفا فيها من رواتها.

وأما في مسألة الاستدلال لعلوم اللغة: فإن أي علم راجع للمعاني التي تدرك بالذوق الأدبي، لا يشترط فيه أن يكون المتكلم عربيا أصيلا، لأن الرجل قد يكون عجميا، ومع ذلك يكون من أعلم الناس بمعاني الألفاظ، فالزمخشري، عفا الله عنه، من أئمة البلاغة، ومع ذلك فهو ليس عربيا أصيلا، فهل يعقل أن يستغني المرء عن أقواله التي فاق فيها أصحاب اللغة الأصليين، لمجرد أنه ليس عربيا نسبا؟!!!!!، ولا يستغني باحث في علوم البلاغة، عن "الكشاف"، مع أن الزمخشري قد "شحنه" بآراء المعتزلة، وتكلف في تأويل النصوص لتوافق آراءهم فهو رأس من رؤوسهم كما لا يخفى.

وأما مسألة الاحتجاج بطبقات الشعراء:

فلا خلاف في الاحتجاج بطبقة "الجاهليين" و "المخضرمين".

ويدخل معهم دخولا غير قطعي: طبقة "الإسلاميين"، لأنهم وإن وجدوا بعد نزول القرآن، إلا أنهم ظهروا في وقت لم يكن اللحن فيه قد فشا فشوا كبيرا.

والقرآن، كما أكد شيخ الإسلام، رحمه الله، مرارا، لا يحتج في تفسيره بلغة حادثة عليه، وإنما يحتج في تفسيره بلغة سابقة عليه "وهي لغة الجاهليين"، أو معاصرة له "وهي لغة المخضرمين"، وما يجري على القرآن يجري على الحديث النبوي، فكلاهما يندرج تحت "النص الشرعي" الذي تستنبط منه الأحكام الشرعية العقدية والعملية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير