تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هُذيل، يقولون "أخرجها متى كمه"، يعني من كمه، ومنه قول الشاعر "متى لجج خضر لهن

نئيج" يعني من لجج، فهي تُستعمل بمعنى من، ولكنه أيضًا قليلٌ وخاصٌّ ببعض لغات

العرب.

أما من وإلى وعن وعلى وفي والباء واللام فهذه كلها تجر الظاهر والمضمر، تدخل على

الأسماء الظاهرة فتجرها، وتدخل على الأسماء المضمرة فتجرها، طبعًا الأسماء الظاهرة

مبنية، ولكنها تكون في محل جر، قال الله عزّ وجلّ ? وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ?

[الأحزاب: 7]، "من" دخلت على الكاف ـوهو ضمير

ـ ونوح، وقال الله عزّ وجلّ ?

وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ? [المائدة: 18]، وقال سبحانه وتعالى ? وَإِلَى اللَّهِ

تُرْجَعُ الْأُمُورُ ? [البقرة: 210]، فجرت مرةً الظاهر ومرةً المضمر، وقال الله

عزّ وجلّ ? طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ? [المطففين: 19]، فدخلت عن على اسمٍ ظاهر، وقال

الله عزّ وجلّ ? رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ? [المائدة: 119]، دخلت

على "هم" في الأول وعلى الهاء في الثاني، أما على نحو قول الله عزّ وجلّ ? عَلَى

اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ? [الأعراف: 89]، ودخولها على الضمير نحو قولك "عليك أن تعمل

كذا وكذا". أما "في" نحو قول الشاعر:

وفي النفس حاجاتٌ وفيك فطانةٌ

وهو أشعر الناس أبو الطيب المتنبي، فالنفس هنا اسم ظاهر و"فيك" دخلت على الضمير.

و"رُبَّ"، هذه "رُبَّ" تختص بالدخول على الأسماء الظاهرة، وهي أيضًا حرفٌ يدل على

التقليل غالبا، ويدل على التكثير أحيانًا، وبعضهم يرى العكس، المهم أنها خاصةٌ

بالدخول على الأسماء الظاهرة، "رُبَّ رجلٍ لاقيته فأكرمته".

أما الباء فكقول الشاعر:

بالله يا ظبيات الحي قلن لنا ليلاي منكن أم ليلى من البشر

وكقولك مثلا "مررتُ به أو بك أو بهم"، أو "مررتَ بنا"، إلى آخره، المهم أنها تجر

الظاهر وتجر الضمير.

أما الكاف فخاصةٌ بالدخول على الأسماء الظاهرة، قال الله عزّ وجلّ ? لَيْسَ

كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ? [الشورى: 11]، وهي حرفٌ يدل على التشبيه، "محمدٌ كعليٍّ" أو

"زيدٌ كخالدٍ"، إلى آخره.

أما اللام فنحو قول الله عزّ وجلّ ?لله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ

? [البقرة: 284]، وكقول الله عزّ وجلّ ? لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي

الْأَرْضِ ? [البقرة: 255]، فأحيانًا تدخل على الاسم الظاهر وأحيانًا تدخل على

الضمير وتجرهما على السواء.

أما حروف القسم فهي بعض هذه الحروف، منها الباء، الباء حرف قسم، والواو تدخل على كل

الأسماء الظاهرة ويُقسم بها، "والله" "ورب الكعبة" "والرحمن" "والرحيم"، وهذه طبعًا

نحن بوصفنا مسلمين لا يجوز أن ندخلها للقسم إلا على ما يتعلق باسم الله عزّ وجلّ أو

بصفةٍ من صفاته، أما لو قال واحدٌ وحياتك أو نحو ذلك فهو جائزٌ لغةً، أما شرعًا

فإنه لا يجوز الإقسام إلا بالله عزّ وجلّ، ولا يجوز الإقسام بغيره أبدًا، لأن نفس

القسم بالشيء دليلٌ على التعظيم، ولا يستحق التعظيم الحقيقيَّ إلا الله سبحانه

وتعالى.

هذه الواو، وأما الباء فتدخل على لفظ الجلالة، فتقول "بالله أن تعمل كذا وكذا"، هذا

إذا كانت للقسم، أما إذا كانت حرف جر لا يُراد به القسم فهي تدخل على كل شيءٍ،

فتدخل هذه الباء على لفظ الجلالة وعلى غيرها من أسماء الله سبحانه وتعالى متى ما

أردت القسم.

التاء، الغالب أنها تدخل على لفظ الجلالة، قال الله عزّ وجلّ ? وَتَاللَّهِ

لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ? [الأنبياء: 57]، "تالله" فأقسم بالله سبحانه وتعالى،

بعضهم يجيز الدخول على لفظ الرحمن، فيقول "تالرحمن"، بعضهم يجيز أيضًا ـ على قلة

ـ

دخولها على قولك "ربي" فتقول "تربي"، بعضهم يجيز دخولها على كلمة "رب الكعبة" فتقول

"ترب الكعبة"، هذه التاء على ألفاظ محدودة، يعني ما يجوز أن تقول "تالرحيم" مثلا،

ولم يرد، فهي خاصة بالأربعة ألفاظ التي ذكرتها لكم، والغالب أن تكون داخلةً على لفظ

الجلالة وحده.

هذه بالنسبة لحروف الجر التي ذكرها ابن آجروم، بقيت بعض حروف الجر، وهي في باب

الاستثناء، وهي مشتركة أحيانًا تصير أفعالا وأحيانًا تصير حروفًا، أحيانًا تصير

حروف جر وأحيانًا تصير أفعالا، وهي ثلاثة خلا وعدا وحاشا، كيف تميز أنها فعل أو

أنها حرف جر؟ انظر إلى الاسم الذي بعدها، فإن كان منصوبًا فهي فعل استثناء، وإن كان

مجرورًا فهي حرف دالٌّ على الاستثناء فتكون حرف جر.

هذه الحروف الثلاثة، وطبعًا ابن آجروم لم يذكر هذه الحروف الثلاثة، خلا وعدا وحاشا.

تناوب حروف الجر، وقوع بعض حروف الجر موقع بعض للدلالة على المعنى أو تضمين الفعل

الذي تعلق بحرف جر معنى فعلٍ آخر، هذا خلاف بين النحويين، ما المعتمد في فيه؟ هل

تقع قال الله عزّ وجلّ ? وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ? [طه: 71]،

هل "في" هنا تدل على الظرفية أو تدل على أنها بمعنى على؟ أو أنه تضمين "أصلبنكم"

معنى فعلٍ يتعدى بـ"في"، هذا خلافٌ بين النحويين في ذلك، والمسألة في هذا سهلة،

والذي أراه أن بعض الحروف لها معنًى أصلي يغلب أن يكون هو المقصود به، مثلا "من"

تدل في الأصل على التبعيض، لكن يمكن أن تدل لابتداء الغاية سواءٌ في الزمان أو

المكان، ويمكن أن تكون للتعليل، قال الشاعر:

يغضي حياءً ويُغضى من مهابته

وهكذا، المهم أن لها معنًى أصليٌّ، ولها معانٍ أخرى ليست بأصلية يمكن أن تكون

عليها، هذا الذي أرجحه في هذه المسألة، وإلا بعضهم يقول لا، الحروف يمكن أن تضع أي

حرف مكان أيِّ حرفٍ مطلقًا، ويمكن أن تقول لا، بل لكل حرفٍ معنًى واحدٌ فقط وإنما

التغيير في الفعل الذي دخل عليه فتُضمنه معنًى يصح أن يكون داخلا على هذا الحرف

المُستشهد به، فهذا بالنسبة لاستعمال حروف الجر من ناحية معناها، والله أعلم

بالصواب.

هذا الشرح للدكتور / حسن حفظي .. حفظه الله (أستاذ في جامعة محمد بن سعود الإسلامية)

وقد كان هذا الشرح في قناة المجد العلمية (شرح الآجرومية)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير